٢ ـ إذا رؤيت الملائكة عند الموت ، فتبشر المؤمنين بالجنة ، وتضرب المشركين والكفار بمقامع الحديد حتى تخرج أنفسهم ، وتقول الملائكة لهم : (حِجْراً مَحْجُوراً) أي حراما محرما أن يدخل الجنة إلا من قال : لا إله إلا الله ، وأقام شرائعها ، وذلك القول يحصل عند الموت ، كما روي عن ابن عباس وغيره. وقيل : إن ذلك يوم القيامة.
٣ ـ إن جميع أعمال الكفار لا سيما التي اعتقدوا أنها برّ وخير ، وظنوا أنها تقربهم إلى الله تعالى تكون يوم القيامة مهدرة باطلة لا جدوى فيها ولا نفع منها بسبب الكفر ، ولأن قبولها يفقد الشرط الشرعي لها وهو الإيمان بالله وإخلاص العمل له. وقوله سبحانه : (وَقَدِمْنا إِلى ما عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ) تنبيه على عظم قدر يوم القيامة ، ومعناه كما بينا : قصدنا في ذلك إلى ما كان يعمله المجرمون من عمل برّ عند أنفسهم.
٤ ـ أصحاب الجنة في مكان مستقر ومأوى ثابت ، ومنزل حسن مريح طيب الإقامة ، على النقيض من حال أهل النار. فقوله تعالى : (أَصْحابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا ، وَأَحْسَنُ مَقِيلاً) كقوله : (قُلْ : أَذلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ) التقريع والتوبيخ ، وإنما قال : (خَيْرٌ) ولا خير في النار والعذاب : بالنظر إلى التفاوت بين منزلتي الجنة والنار ، وهما من المنازل. أما من حيث الواقع فإن (خَيْرٌ) هنا ليس للمفاضلة التي تفهم من صيغة أفعل التفضيل ، وإنما لتقرير أن الجنة هي الخير المحض والحسن المطلق ، ولا خير أصلا في ضدها وهي النار.