وألما على ما فرط في دنياه ، فلم يؤمن بربه وبالرسول محمد صلىاللهعليهوسلم ، فكلمة (الظَّالِمُ) للعموم ، يعم جميع الظلمة ، ويشمل عقبة بن أبي معيط الذي همّ بالإسلام ، فمنعه منه صديقه أمية بن خلف الجمحيّ ، ويروى : أبي بن خلف أخ أمية. وعضّه يديه : فعل النادم الحزين لأجل طاعته خليله ، وعدم اتخاذه في الدنيا طريقا إلى الجنة ، فيدعو على نفسه بالويل والهلاك على محالفة الكافر ومتابعته ، ويقول : (لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً) عنى أمية ، وكنى عنه ولم يصرح باسمه ، لئلا يكون هذا الوعد مخصوصا به ، ولا مقصورا عليه ، بل يتناول جميع من فعل مثل فعلهما.
فهذه العبارات الثلاث : الظالم ، وفلان ، والشيطان عامة.
والخليل الصاحب قد يضل صاحبه عن ذكر الله والإيمان به والقرآن وموعظة الرسولصلىاللهعليهوسلم.
والشيطان يوسوس ويغري بالكفر والشرك والمعصية ، ثم يخذل أتباعه ، والخذل : الترك من الإعانة ، والتبرؤ من فعله. وكل من صدّ عن سبيل الله وأطيع في معصية الله ، فهو شيطان للإنسان ، خذول عند نزول العذاب والبلاء ، كما قال تعالى : (كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ : اكْفُرْ ، فَلَمَّا كَفَرَ قالَ : إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ ، إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ) [الحشر ٥٩ / ١٦].
وفي صحيحي البخاري ومسلم من حديث أبي موسى عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إنما مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك إما أن يحذيك (١) ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد ريحا طيبة. ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة» (٢). وذكر أبو بكر البزّار
__________________
(١) أحذاه : أعطاه.
(٢) وأخرجه أبو داود من حديث أنس.