قال ابن عباس : نزلت الآية في أبي الحكم بن هشام الذي سماه رسول الله صلىاللهعليهوسلم أبا جهل بن هشام. لكن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فالأولى حمل لفظ (الْكافِرُ) على العموم ، ولأنه أوفق لظاهر قوله : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ).
(وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً) أي أن المشركين قوم حمقى جهال ، فكيف يعينون الشيطان على معصية الله ورسوله ، مع أن الله أرسل رسوله محمدا صلىاللهعليهوسلم ليبشر من أطاعه بالجنة ، وينذر من عصاه بالنار؟ وأما أنت أيها الرسول فلا تأبه بعنادهم وكفرهم ، فما أنت إلا نذير وبشير ، وعلى الله الحساب والعقاب ، فلا تحزن على عدم إيمانهم. وهل من جهل أعظم من الإمعان في إيذاء من يريد نفعهم في الدنيا والآخرة؟!
ونظير الآية : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ ، وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ) [المائدة ٥ / ٦٧].
وهو يريد نفعهم بمحض الإخلاص دون أن يبغي لنفسه نفعا من أجر أو غيره ، لذا قال تعالى : (قُلْ : ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ) أي قل أيها الرسول لقومك : لا أطلب على هذا البلاغ وهذا الإنذار أجرة من أموالكم ، وإنما أفعل ذلك ابتغاء وجه الله تعالى. و (مِنْ) للتأكيد.
(إِلَّا مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً) أي لم أسألكم أجرا أبدا ، لكن من أراد أن يتقرب إلى الله بالإنفاق في الجهاد والتطوعات وغيرها ، ويتخذ إلى ربه طريقا يؤدي به إلى رحمته ونيل ثوابه ، بالعمل الصالح ، فليفعل ولا يتردد. والمراد : لا تصنعوا معي إحسانا بأجر تدفعونه لي ، ولكن اطلبوا الأجر لأنفسكم بفعل الخير وعبادة الله وشكره.
(وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لا يَمُوتُ وَسَبِّحْ بِحَمْدِهِ) بعد أن بيّن سبحانه