(لِيُدْخِلَ اللهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) أي ولكن كف أيديكم عنهم وحال بينكم وبين قتالهم ليخلص المؤمنين من أسرهم ، وليرجع كثير منهم إلى الإسلام.
(لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) أي لو تميز الذين آمنوا من الذين كفروا ، وانفصل بعضهم عن بعض بما يسمى اليوم بفك الارتباط ، لعذبنا الذين كفروا عذابا مؤلما وهو القتل ، بأن نسلطكم عليهم ، فتقتلوهم قتلا ذريعا. والخلاصة : لو تزيل المؤمنون من الكفار لعذبهم الله عذابا أليما بقتلهم إياهم.
ثم بيّن الله تعالى ظرف العذاب أو وقته ، فقال :
(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ ، فَأَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى ، وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) أي لعذبناهم حين جعلوا في قلوبهم أنفة الجاهلية التي لا تذعن للحق ولا تعرف منطقا ولا تعتمد دليلا مقنعا ، وهي قولهم : واللات والعزى لا يدخلونها علينا ، وإباؤهم كتابة البسملة ووصف محمد صلىاللهعليهوسلم بأنه رسول الله في مقدمة صلح الحديبية.
فأنزل الله الطمأنينة والثبات والصبر على رسوله وعلى المؤمنين ، حيث لم يدخلهم ما دخل أهل الكفر من الحمية ، وثبّتهم على الرضا والتسليم ، وألزمهم كلمة الشهادة أو التوحيد وهي «لا إله إلا الله ، محمد رسول الله» أو ألزمهم تعظيم الحرم ، وترك القتال فيه ، ولم يستفزهم صنيع الكفرة ، لينتهكوا حرمة الحرم.
وكان المؤمنون أحق بهذه الكلمة وأجدر بها وأهلا لها من دون الكفار ، إذ هم أهل الخير والصلاح والعقيدة الصحيحة ، على نقيض الكفار ذوي العقيدة الفاسدة.
وكان الله وما يزال عليما بمن يستحق الخير ، ممن يستحق الشر.