روى النسائي عن أبي بن كعب رضياللهعنه أنه كان يقرأ : (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ ، حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) ولو حميتم كما حموا ، لفسد المسجد الحرام ، فبلغ ذلك عمر رضياللهعنه ، فأغلظ له ، فقال ـ أي أبي ـ : إنك لتعلم أني كنت أدخل على رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فيعلمني مما علّمه الله تعالى ، فقال عمر رضياللهعنه : بل أنت رجل عندك علم وقرآن ، فاقرأ وعلّم مما علّمك الله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ ذمّ الله تعالى قريشا إذ كفروا بتوحيد الله ، ومنعوا المؤمنين دخول المسجد الحرام عام الحديبية ، حين أحرم النبي صلىاللهعليهوسلم مع أصحابه بعمرة ، ومنعوا الهدي وحبسوه عن أن يبلغ محلّه ، ولم يكن هذا من اعتقادهم ، ولكنه حملتهم الأنفة ، ودعتهم حميّة الجاهلية إلى أن يفعلوا ما لا يعتقدونه دينا ، فوبخهم الله على ذلك وتوعدهم عليه ، وآنس رسول الله صلىاللهعليهوسلم ببيانه ووعده.
٢ ـ إن حرمة المؤمن عند الله عظيمة ، فقد كان صلح الحديبية من أجل ثلاثة رجال وسبع أو تسع نسوة حتى لا يقتلوا في زحمة المعركة لو حدث قتال ، فيعاب المسلمون ، ويقول المشركون : قد قتلوا أهل دينهم ، وتلزمهم كفارة القتل الخطأ ، لأن الله تعالى إنما أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يكن هاجر منها ، ولم يعلم بإيمانه الكفارة دون الدّية في قوله : (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ ، وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) [النساء ٤ / ٩٢].
٣ ـ دل قوله تعالى : (بِغَيْرِ عِلْمٍ) على تفضيل الصحابة ، واتصافهم بصفات كريمة من العفة عن المعصية ، والعصمة عن التعدّي ، حتى لو أنهم أصابوا