قال ابن الجوزي في تفسيره : والآية إخبار عن قدرته وسعة ملكه ، وهو كلام معترض بين الآية الأولى ، وبين قوله : (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَساؤُا بِما عَمِلُوا) لأنه إذا كان أعلم بالمسيء وبالمحسن ، جازى كلّا بما يستحقه ، وإنما يقدر على مجازاة الفريقين إذا كان واسع الملك.
ثم ذكر الله تعالى صفات المتقين المحسنين ، فقال :
(الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ) أي إن المحسنين هم الذين يبتعدون عن كبائر الذنوب كالشرك والقتل وأكل مال اليتيم ، وعن الفواحش كالزنى ، والكبائر : كل ذنب توعد الله عليه بالنار ، والفواحش : ما تناهي أو تزايد قبحه عقلا وشرعا من الكبائر ، مما كان فيه الحد. ولكن لا يقع منهم إلا اللمم أي صغائر الذنوب ومحقرات الأعمال كالنظرة الحرام والقبلة. أخرج أحمد والشيخان في صحيحيهما عن أبي هريرة عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «إن الله تعالى كتب على ابن آدم حظه من الزنى ، أدرك ذلك لا محالة ، فزنى العين النظر ، وزنى اللسان النطق ، والنفس تمنّى وتشتهي ، والفرج يصدق ذلك أو يكذبه».
فإن اقترفوا اللمم تابوا ولم يعودوا إلى مثله.
ونحو الآية قوله تعالى : (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ ، وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً) [النساء ٤ / ٣١].
وقد ورد في الصحيحين عن علي رضياللهعنه تحديد الكبائر بسبع : «اجتنبوا السبع الموبقات : الإشراك بالله تعالى ، والسحر ، وقتل النفس التي حرّم الله إلا بالحق ، وأكل مال اليتيم ، وأكل الربا ، والتولي يوم الزحف ، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات» وقد أوصلها الحافظ الذهبي في كتابه (الكبائر) إلى سبعين. وروى الطبراني عن ابن عباس أن رجلا قال له : الكبائر سبع ،