الذي يطلع خلف الجوزاء في شدة الحر ، ويقال له : مرزم الجوزاء أو العبور ، كانت خزاعة وحمير تعبده. وفي النجوم شعريان : إحداهما يمانية والأخرى شامية ، والظاهر ـ كما قال الرازي ـ أن المراد اليمانية ، لأنهم كانوا يعبدونها ، لذا خصت بالذكر. وأول من سن عبادتها أبو كبشة من أشراف العرب ، وكانت قريش تطلق على الرسول صلىاللهعليهوسلم «ابن أبي كبشة» تشبيها له به ، لمخالفته دينهم ، كما خالفهم أبو كبشة ، وكان من أجداد النبي صلىاللهعليهوسلم من جهة أمه. قال أبو سفيان يوم فتح مكة حين شاهد عساكر المسلمين تمرّ عليه : لقد أمر أمر ابن أبي كبشة ، وقال مشركو قريش : ما لقينا من ابن أبي كبشة!!
١٢ ـ (وَأَنَّهُ أَهْلَكَ عاداً الْأُولى) أي وأنه تعالى أفنى قوم هود عليهالسلام ، وهم عاد القدماء ، وهي أول أمة أهلكت بعد نوح ، ويقال لهم : عاد بن إرم بن سام بن نوح ، كما قال تعالى : (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعادٍ ، إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ ، الَّتِي لَمْ يُخْلَقْ مِثْلُها فِي الْبِلادِ) [الفجر ٨٩ / ٦ ـ ٨] وكانوا من أشد الناس وأقواهم وأعتاهم على رسول الله ورسوله ، فأهلكهم الله (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ ، وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) [الحاقة ٦٩ / ٦ ـ ٧]. قال المبرد : وعاد الأخرى : هي ثمود قوم صالح.
١٣ ـ (وَثَمُودَ فَما أَبْقى) أي وأهلك ثمودا كما أهلك عادا ، ودمرهم وأخذهم بذنوبهم فما أبقى أحدا من الفريقين ، كما قال تعالى : (فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) [الحاقة ٦٩ / ٨].
١٤ ـ (وَقَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ ، إِنَّهُمْ كانُوا هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى) أي وأهلكنا قوم نوح من قبل هؤلاء الفريقين : عاد وثمود ، إنهم كانوا أظلم من عاد وثمود ، وأطغى منهم ، وأشد تمردا وتجاوزا للحد من الذين أتوا من بعدهم ، لأنهم بدؤوا بالظلم ، والبادئ أظلم : «ومن سنّ سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها» (١) وأما
__________________
(١) حديث صحيح رواه مسلم عن أبي عمر وجرير بن عبد الله.