باستدعاء النّبي صلىاللهعليهوسلم من الله تعالى عند التحدي (١).
وقال الرازي : وأما المؤرخون فتركوه ، لأن التواريخ في أكثر الأمر يستعملها المنجم ، وهو لما وقع الأمر قالوا بأنه مثل خسوف القمر ، وظهور شيء في الجو على شكل نصف القمر في موضع آخر ، فتركوا حكايته في تواريخهم ، والقرآن أدل دليل ، وأقوى مثبت له ، وإمكانه لا يشك فيه ، وقد أخبر عنه الصادق ، فيجب اعتقاد وقوعه (٢).
والقائلون بأن الأخبار الواردة بشأن انشقاق القمر أخبار آحاد غير متواترة يرون أن منكر ذلك لا يكفر ، لعدم التواتر في السنة ، وكون الآية ليست نصا في ذلك.
٣ ـ دلّ قوله تعالى : (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا) على أن المشركين رأوا انشقاق القمر. قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وقالوا : إن كنت صادقا فاشقق لنا القمر فرقتين ، نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان ، فقال لهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إن فعلت تؤمنون؟» قالوا : نعم ، وكانت ليلة بدر ، فسأل رسول الله صلىاللهعليهوسلم ربّه أن يعطيه ما قالوا ، فانشق القمر فرقتين ، ورسول الله صلىاللهعليهوسلم ينادي المشركين : «يا فلان ، يا فلان اشهدوا». ويؤيده حديث ابن مسعود المتقدم في سبب النزول.
٤ ـ لم يجد المشركون طريقا لتكذيب آية الانشقاق إلا بأن يصفوه بأنه سحر محكم قوي شديد ، من المرّة وهي القوة ، أو دائم نافذ مطرد ، أو ذاهب ، من قولهم : مرّ الشيء واستمر : إذا ذهب.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٧ / ١٢٦
(٢) تفسير الرازي : ٢٩ / ٢٨