تثنية (فَلا تَنْتَصِرانِ) أراد به النوعين أي لا ينصر بعضكم بعضا أيها الجن والإنس.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) بأي نعم الله تكذبان أيها الإنس والجن ، فإن التهديد لطف ، والتمييز بين المطيع والعاصي ، بإثابة الأول ، والانتقام من الثاني من نعم الله سبحانه.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لا بد من الحساب والجزاء على أعمال الناس والجن يوم القيامة ، وسيتم القصد بالفعل للمجازاة أو المحاسبة. وهذا وعيد وتهديد من الله لعباده ، ليحذروا يوم الحساب ، ويرهبوا يوم الجزاء.
٢ ـ الحساب دليل واضح على أن الجن مخاطبون بالتكاليف الشرعية كالإنس تماما ، فهم مكلفون مأمورون منهيون ، مثابون معاقبون كالإنس سواء ، مؤمنهم كمؤمنهم ، وكافرهم ككافرهم ، لا فرق بيننا وبينهم في شيء من ذلك.
٣ ـ لا مفرّ ولا مهرب ولا مناص من الجزاء والحساب على أعمال الإنس والجن ، ولا يملكون إطلاقا التخلص والهروب من العذاب إلا بسلطان من الله يجيرهم ، وإلا فلا مجير لهم.
والسبب في تقديم الجن على الإنس في هذه الآية : أن النفوذ من أقطار السموات والأرض بالجن أليق إن أمكن. أما الإتيان بمثل القرآن فهو بالإنس أليق إن أمكن ، لذا قدم الإنس على الجن في ذلك ، في قوله تعالى : (قُلْ : لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ ، لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ) [الإسراء ١٧ / ٨٨].