الصالحة. فبأي نعم الله تكذبان أيها الثقلان ، فإن نعيم الجنان لا مثيل له ، فضلا عن الخلود والدوام فيه ، ولا مانع أن يعطي الله جنتين وجنانا عديدة.
والصحيح ـ كما قال ابن عباس وغيره ـ أن هذه الآية عامة في الإنس والجن ، فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا.
أخرج البخاري ومسلم وأصحاب السنن إلا أبا داود عن أبي موسى الأشعري قال : «جنان الفردوس أربع جنات : جنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما ، وجنتان من فضة حليتهما وآنيتهما وما فيهما ، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء ، على وجهه ، في جنة عدن».
وأخرج ابن جرير والنسائي عن أبي الدرداء : أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قرأ يوما هذه الآية : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق؟ فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق؟ فقال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) فقلت : وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال : «وإن رغم أنف أبي الدرداء».
ثم وصف هاتين الجنتين ، فقال : (ذَواتا أَفْنانٍ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي ذواتا أغصان نضرة حسنة ، تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة ، أو ذواتا أنواع من الأشجار والثمار ، فبأي نعم الله تكذبان يا معشر الجن والإنس ، فإن هذا الجمال وهذه النعمة لمما يحرص عليها العقلاء.
(فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ ، فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) أي في كل واحدة من الجنتين عين جارية ، فهما عينان تسرحان لسقي تلك الأشجار والأغصان ، فتثمر من جميع الألوان. قال الحسن البصري : إحداهما يقال لها : تسنيم ، والأخرى السلسبيل. فبأي نعم الله يحدث التكذيب؟ فتلك حقيقة قطعية ، ونعمة عظيمة.