ثم أوضح هذه الأصناف بقوله :
١ ـ (فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ، ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) أي وأصحاب اليمين الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم ، ويؤخذون إلى الجنة ، فما أحسن حالهم وصفتهم وأكمل سعادتهم!! وقوله : (ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ) لتفخيم شأنهم وتعظيم أمرهم. والفاء : تدل على التفسير ، وبيان مورد التقسيم. وابتدأ بأهل اليمين ثم بأهل الشمال للترغيب بالثواب والترهيب بالعقاب ، بعد التخويف من الواقعة.
٢ ـ (وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ، ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ) أي وأصحاب الشمال الذين يتناولون كتبهم بشمائلهم ، ويساقون إلى النار ، فما أسوأ حالهم وأتعسهم!!
أخرج الإمام أحمد عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم تلا هذه الآية : (وَأَصْحابُ الْيَمِينِ ، ما أَصْحابُ الْيَمِينِ) ، (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) فقبض بيده قبضتين ، فقال : «هذه للجنة ولا أبالي ، وهذه للنار ولا أبالي».
٣ ـ (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ، أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ ، فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) أي والسابقون من كل أمة إلى الإيمان والطاعة والجهاد والتوبة وأعمال البر ، وهم الأنبياء والرسل عليهمالسلام والشهداء والصدّيقون والقضاة العدول ، هم السابقون إلى رحمة الله ، وهم المقرّبون إلى جزيل ثواب الله وعظيم كرامته ، والمقيمون إلى الأبد في جنات النعيم. والإشارة بقوله : (أُولئِكَ) لعلو درجتهم ، ورفعة مكانتهم.
أخرج الإمام أحمد عن عائشة عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أتدرون من السابقون إلى ظلّ الله يوم القيامة؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : الذين إذا أعطوا الحق قبلوه ، وإذا سئلوه بذلوه ، وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم».