وحياء ، بأن ضربت بيدها على جبهتها. (وَقالَتْ : عَجُوزٌ عَقِيمٌ) أي أنا عجوز كبيرة السن ، عاقر لم ألد قط ، فكيف ألد؟ وكان عمرها تسعا وتسعين سنة (٩٩) وعمر إبراهيم مائة أو مائة وعشرين.
(قالُوا : كَذلِكَ) أي مثل ذلك الذي بشرنا به. (قالَ رَبُّكِ) هو قول الله ، وإنما نخبرك به عنه. (الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ) ذو الحكمة في صنعه ، والعلم الواسع بخلقه. (فَما خَطْبُكُمْ) ما شأنكم الخطير ، قال ذلك لما علم أنهم ملائكة ، وأنهم لا ينزلون مجتمعين إلا لأمر عظيم سأل عنه.
(إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى قَوْمٍ مُجْرِمِينَ) كافرين ، هم قوم لوط. (حِجارَةً مِنْ طِينٍ) مطبوخة بالنار وهو السجيل : الطين المتحجر. (مُسَوَّمَةً) معلمة من السّومة : وهي العلامة. (لِلْمُسْرِفِينَ) المجاوزين الحدّ في الفجور ، بإتيانهم الذكور ، مع كفرهم.
(فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها) في قرى قوم لوط ، وأضمرت ولم تذكر سابقا ، لكونها معلومة. (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ) ممن آمن بلوط ، بقصد إهلاك الكافرين. (غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ) أي غير أهل بيت من المسلمين ، وهم لوط وابنتاه وأتباعه إلا امرأته ، أي مصدقون بقلوبهم عاملون بجوارحهم الطاعات. واستدل به على اتحاد الإسلام والإيمان ، لكنه ـ كما قال البيضاوي ـ استدلال ضعيف ، لأن المراد اجتماع الصفتين فيهم ، وذلك لا يقتضي اتحاد مفهومهما. (وَتَرَكْنا فِيها) بعد إهلاك الكافرين. (آيَةً) علامة دالة على ما أصابهم من الهلاك. (لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ) لمن خافوا عذاب الله المؤلم ، فلا يفعلون مثل فعلهم.
المناسبة :
بعد أن أبان الله تعالى إنكار مشركي مكة للبعث والنشور ، سلّى قلب رسوله صلىاللهعليهوسلم ببيان أن غيره من الأنبياء عليهمالسلام كان مثله ، فقد أوذوا من أقوامهم ، وأعرض هؤلاء عن دعوة رسلهم. وبدأ تعالى بقصة إبراهيم بعد إيرادها في سورة هود والحجر ، لكونه شيخ المرسلين ، وكون النبي عليه الصلاة والسلام على سنته ، وإنذارا لقومه بما جرى من الضيف ، وبيانا لإنزال الحجارة على المذنبين المضلين ، حتى يتعظ أو يعتبر كفار قريش وأمثالهم إلى يوم القيامة. ثم سألهم إبراهيم عن شأنهم وسبب مجيئهم ، فأخبروه بأنهم أرسلوا لإهلاك قوم لوط بحجارة من سجيل بها علامة تدل على أنها أعدت لهم.