(هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ) فيه تهكم واستهزاء أيضا ، أي هذا العذاب ضيافتهم يوم القيامة ، لأن النزل هو أول ما يقدم للضيف من الكرامة.
المفردات اللغوية :
(سَمُومٍ) ريح شديدة الحرارة تنفذ في المسام. (وَحَمِيمٍ) ماء شديد الحرارة. (يَحْمُومٍ) دخان أسود شديد السواد. (لا بارِدٍ) لا هو بارد كغيره من الظلال. (وَلا كَرِيمٍ) ولا هو نافع يدفع أذى الحر لمن يأوي إليه. (قَبْلَ ذلِكَ) في الدنيا. (مُتْرَفِينَ) منعمين منهمكين في الشهوات. (يُصِرُّونَ) يقيمون. (الْحِنْثِ الْعَظِيمِ) الذنب العظيم وهو الشرك والوثنية.
(.. أَإِذا مِتْنا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ) كررت الهمزة للدلالة على إنكار البعث مطلقا. (أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ) الهمزة للاستفهام ، والاستفهام هنا وما قبله للاستبعاد ، وفيه دلالة على أن ذلك أشد إنكارا في حقهم لتقادم زمانهم ، ويقرأ بسكون الواو (أو) عطفا بأو ، والمعطوف عليه محل (إِنَ) واسمها (لَمَجْمُوعُونَ) وقرئ : لمجمعون. (مِيقاتِ) وقت ، أي ما وقت به الشيء. (يَوْمٍ مَعْلُومٍ) يوم القيامة ، وسمي بذلك ، لأنه وقتت به الدنيا.
(ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ) بالبعث ، والخطاب لأهل مكة وأمثالهم. (لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ مِنْ) الأولى للابتداء ، والثانية للبيان ، والزقوم : شجر في غاية المرارة ينبت في أصل الجحيم. (فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ) مالئون من الشجر البطون لشدة الجوع. (فَشارِبُونَ عَلَيْهِ) على الزقوم المأكول ، لغلبة العطش ، وتأنيث ضمير (مِنْهَا) وتذكيره في (عَلَيْهِ) الأول لمراعاة المعنى ، والثاني لمراعاة اللفظ. (الْهِيمِ) الإبل العطاش ، جمع أهيم وهيمان للذكر ، وهيمى للأنثى ، كعطشان وعطشى ، وهي المصابة بداء الهيام : وهو داء يشبه الاستسقاء يصيب الإبل ، فتشرب حتى تموت أو تمرض. (نُزُلُهُمْ) النزل : ما يعد للضيف أول نزوله تكرمة له. (يَوْمَ الدِّينِ) يوم الجزاء والقيامة.
المناسبة :
بعد بيان أحوال فريقين من الأصناف الثلاثة يوم القيامة ، وهما السابقون وأصحاب اليمين ، بيّن الله تعالى عطفا عليهم حال أصحاب الشمال وما يلقونه في نار جهنم من أنواع العذاب والنكال ، مع بيان سبب ذلك ، وهو انهماكهم في الشهوات في الدنيا ، وشركهم ، وإنكارهم يوم البعث.