التفسير والبيان :
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) أي وأصحاب الشمال أي شيء هم فيه ، وأي وصف لهم حال تعذيبهم في الآخرة؟!
وهذا الحال والوصف ما قاله تعالى :
(فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) أي هم في ريح حارة من حر النار ، وماء شديد الحرارة ، وظل من دخان جهنم شديد السواد ، ليس باردا كغيره من الظلال التي تكون عادة باردة ، ولا حسن المنظر ولا نافعا. وكل ما لا خير فيه فهو ليس بكريم. والمشهور أن السموم : ريح حارة تهب فتمرض أو تقتل غالبا ، قال الرازي : والأولى أن يقال : هي هواء متعفن ، يتحرك من جانب إلى جانب ، فإذا استنشق الإنسان منه يفسد قلبه بسبب العفونة ويقتله.
وذكر السموم والحميم ، وترك ذكر النار وأهوالها ، إشارة بالأدنى إلى الأعلى ، فإذا كان هواؤهم الذي يستنشقونه سموما ، وماؤهم الذي يستغيثون به حميما ، مع أن الهواء والماء أبرد الأشياء في الدنيا ، فما ظنك بنارهم التي هي في الدنيا أحرّ شيء! وكأنه تعالى يقول : إذا كان أبرد الأشياء لديهم أحرها ، فكيف حالهم مع أحرّها؟! ونظير الآية قوله تعالى : (انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ، انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ ، لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ ، إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ ، كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) [المرسلات ٧٧ / ٢٩ ـ ٣٣].
وسبب عذابهم ما قال تعالى :
(إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ ، وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ ، وَكانُوا