أي أقمتم نهارا. (تَفَكَّهُونَ) تتعجبون من سوء حاله ، وتندمون على اجتهادكم فيه. (لَمُغْرَمُونَ) ملزمون غرامة أو نفقة ما أنفقنا ، أو مهلكون ، لهلاك رزقنا ، من الغرم : وهو الهلاك. (مَحْرُومُونَ) ممنوعون رزقنا ، أو محدودون غير مجدودين (غير محظوظين).
(الْمُزْنِ) السحاب ، جمع مزنة. (الْمُنْزِلُونَ) بقدرتنا. (أُجاجاً) ملحا لا يمكن شربه. (فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) فهلا تشكرون أمثال هذه النعم الضرورية. (تُورُونَ) تقدحون ، أو تخرجونها نارا. (أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها) الشجرة التي منها الزناد ، كالمرخ والعفار والكلخ التي تقدح نارا بالتماس. (جَعَلْناها) جعلنا نار الزناد. (تَذْكِرَةً) أنموذجا لنار جهنم ، أو تبصرة في أمر البعث ، أو تذكيرا. (وَمَتاعاً) منفعة. (لِلْمُقْوِينَ) للمسافرين ، مأخوذ من أقوى القوم : الذين ينزلون القواء ، أي القفر والمفاوز التي لا نبات فيها ولا ماء. (فَسَبِّحْ) نزّه. (بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ) أي نزّه الله تعالى ، وقل : سبحان الله العظيم ، وأحدث التسبيح بذكر اسمه ، أو بذكره ، فإن إطلاق اسم الشيء : ذكره ، و (الْعَظِيمِ) : صفة للاسم أو الرب.
المناسبة :
بعد بيان حال الأصناف الثلاثة من المخلوقات يوم القيامة ، ومآل كل صنف ، ردّ الله تعالى على المكذبين من أهل الزيغ والإلحاد ، فأقام الأدلة على الألوهية بالخلق والرزق والإمداد بالنعم الدائمة ، وقرر المعاد ، وأثبت البعث والجزاء.
التفسير والبيان :
(نَحْنُ خَلَقْناكُمْ فَلَوْ لا تُصَدِّقُونَ) أي نحن ابتدأنا خلقكم أول مرة ، بعد أن لم تكونوا شيئا مذكورا ، وأنتم تعلمون ذلك ، فهلا تصدقون بالبعث ، كما تقرّون بالخلق ، فإن من قدر على البداءة قادر على الإعادة بطريق الأولى والأحرى؟
وهذا تقرير للمعاد وإثبات له بطريق القياس ، ثم أقام أدلة أخرى على ذلك فقال :
(أَفَرَأَيْتُمْ ما تُمْنُونَ ، أَأَنْتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخالِقُونَ) أي أخبروني عما تقذفون من المني أو النطف في أرحام النساء ، أأنتم تقرونه في الأرحام وتخلقونه