رسوله ، وإنكار المعاد ، ثم أعاد الكلام على أحوال الأصناف الثلاثة الذين بدئت بهم السورة : السابقين المقربين ، وأصحاب اليمين ، وأصحاب الشمال ، وما يلقاه كل صنف من الجزاء يوم القيامة ، ثم أخبر الله نبيه بأن هذا الخبر هو الحق الثابت الذي لا شك فيه ولا ريب ، وأمره أن ينزه ربه عن كل نقص وغيره مما لا يليق به.
التفسير والبيان :
(فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ) أي أقسم بمساقط النجوم وهي مغاربها ، ولله في رأي الجمهور أن يقسم بما شاء من خلقه ، وهو دليل على عظمته. وإنما خص القسم بمساقط النجوم ، لما في غروبها من زوال أثرها ، والدلالة على وجود مؤثر دائم لا يزول تأثيره ، لذا استدل إبراهيم عليهالسلام بالأفول على وجود الإله ، وكذلك لا ريب أن لأواخر الليل خواص شريفة.
وجاء القسم على هذا النحو : (فَلا أُقْسِمُ) بالنفي مريدا : (أُقْسِمُ) ، لأن العرب تزيد (لا) قبل فعل (أُقْسِمُ) كأنه ينفي ما سوى المقسم عليه ، فيفيد التأكيد ، والمراد أن الأمر أوضح من أن يحتاج إلى قسم ما ، فضلا عن هذا القسم العظيم. وورد القسم على مثال ذلك كثيرا في القرآن الكريم ، مثل : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ ، وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) [الانشقاق ٨٤ / ١٦] و (فَلا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ ، الْجَوارِ الْكُنَّسِ) [التكوير ٨١ / ١٥] و (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ) [القيامة ٧٥ / ١] و (فَلا أُقْسِمُ بِما تُبْصِرُونَ) [الحاقة ٦٩ / ٣٨] و (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ) [المعارج ٧٠ / ٤٠] و (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) [البلد ٩٠ / ١] و (وَلا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ) [القيامة ٧٥ / ٢].
ويرى بعض المفسرين أن (لا) ليست زائدة لا معنى لها ، بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسما به على منفي ، كقول عائشة رضياللهعنها : «لا والله ما مسّت يد رسول الله صلىاللهعليهوسلم يد امرأة قط».