المفردات اللغوية :
(سَبَّحَ لِلَّهِ) أي نزهه كل شيء من كل نقص وعما لا يليق به من صفات الحوادث كالشريك والولد ، وإنما عدّي باللام وهو معدّى بنفسه ، مثل نصحت له ونصحته ، إشعارا بأن إيقاع الفعل لأجل الله وخالصا لوجهه. وذكر في القرآن : (سَبَّحَ) كما في آخر السورة السابقة الواقعة وأول الأعلى للأمر بالتسبيح ، وذكر هنا وفي الحشر والصف بلفظ الماضي ، وفي الجمعة والتغابن بلفظ المضارع ، إشعارا بأن من شأن ما أسند إليه أن يسبحه في جميع أوقاته ، وكله يدل على الديمومة والاستمرار ، وأن ذلك ديدن من في السموات والأرض ، وجاء بلفظ المصدر (سُبْحانَ) أول الإسراء ، إشعارا بإطلاقه على استحقاق التسبيح من كل شيء وفي كل حال.
(ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) جيء ب (ما) وليس «من» تغليبا للأكثر من غير العقلاء. (وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) القوي في ملكه فلا ينازعه فيه شيء ، الحكيم في صنعه ، والجملة حال يشعر بما يدل على أنه الأهل للتسبيح مع استغنائه. (لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ، يُحْيِي وَيُمِيتُ) أي إن سبب التسبيح كونه تعالى مالكا السموات والأرض ، وله تمام التصرف في الملك ، وهو إيجاد ما شاء ، وإعدام ما شاء بقدرته على الإحياء والإماتة. (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أي قادر تام القدرة على كل شيء من الإحياء والإماتة وغيرهما.
(هُوَ الْأَوَّلُ) السابق على سائر الموجودات ، والموجود قبل كل شيء بلا بداية ، لأنه موجد الأشياء ومحدثها. (وَالْآخِرُ) الباقي بعد فناء الموجودات ، والموجود بعد كل شيء بلا نهاية. (وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ) الظاهر وجوده لكثرة دلائله ، والباطن : حقيقة ذاته ، فلا تحيط به العقول والحواس ، وخفيت عنه ذاته ، فهو ظاهر بآثاره وأفعاله ، وباطن بذاته. (فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) ستة أطوار. (ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ) الكرسي استواء يليق به. (يَلِجُ) يدخل. (فِي الْأَرْضِ) من كنوز ومعادن وبذور ومطر وأموات. (وَما يَخْرُجُ مِنْها) كالنبات والمعادن لمنفعة الناس. (وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ) كالمطر والرحمة والملائكة والعذاب وغير ذلك. (وَما يَعْرُجُ فِيها) كالأبخرة والأعمال والدعوات. (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ) أي بعلمه وقدرته ، لا يفارقكم بحال ، فليس المراد المعية بالذات. (وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) فيجازيكم عليه ، وتقديم الخلق في الآية على العلم ، لأنه دليل عليه.
(وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ) الموجودات جميعها. (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ) يدخل أحدهما في الآخر بالزيادة والنقص ، فيزيد الليل وينقص النهار تارة ، وعلى العكس تارة أخرى. (وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) أي بما فيها من الأسرار والمكنونات ، والنوايا والخفايا والمعتقدات.