المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى أدلة إثبات وحدانيته وعلمه وقدرته ، بمشاهد في السموات والأرض والأنفس ، أتبعها ببعض التكاليف الدينية ، فأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم وباستدامته والإخلاص فيه ، ثم طلب من المؤمنين الإنفاق في سبيل الله ، وأخبر بمضاعفة الأجر عليه ، وأبان أن آياته تخرج من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان ، وفضّل السابقين الأولين إلى الإسلام الذين أسلموا وأنفقوا قبل فتح مكة ، ثم أكد الحث على الإنفاق مرة أخرى.
التفسير والبيان :
(آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ ، فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَأَنْفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ) أي صدّقوا بالتوحيد وبصحة رسالة محمد صلىاللهعليهوسلم على الوجه الأكمل ، وداوموا واثبتوا على ذلك ، وأنفقوا من مال الله الذي جعلكم خلفاء في التصرف فيه من غير أن تملكوه حقيقة ، فإن المال مال الله ، والعباد خلفاء الله في أمواله ، فعليهم أن يصرفوها فيما يرضيه.
ثم رغب في الإيمان والإنفاق في الطاعة ، مبينا أن الذين جمعوا بين الإيمان بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم ، وبين الإنفاق في سبيل الله ، لهم ثواب كثير الخير والنفع وهو الجنة.
أخرج أحمد عن عبد الله بن الشّخّير قال : انتهيت إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم وهو يقول : «ألهاكم التّكاثر ، يقول ابن آدم ، مالي مالي ، وهل لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأبقيت» ورواه مسلم أيضا وزاد : «وما سوى ذلك فذاهب وتاركه للناس».
ثم وبخهم الله تعالى على ترك الإيمان ، فقال :