(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) بالرسل المتقدمة. (اتَّقُوا اللهَ) فيما نهاكم عنه. (وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ) محمد صلىاللهعليهوسلم. (كِفْلَيْنِ) نصيبين ، الكفل : الحظ والنصيب. (مِنْ رَحْمَتِهِ) لإيمانكم بالنبيين. (وَيَجْعَلْ لَكُمْ نُوراً تَمْشُونَ بِهِ) أي نورا تمشون به على الصراط ، يكون أساس النجاة ، وهو المذكور في قوله تعالى المتقدم في السورة : (يَسْعى نُورُهُمْ). (وَيَغْفِرْ لَكُمْ) الكفر والمعاصي. (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) أي ليعلم ، ولا : زائدة ، ويؤيده أنه قرئ : (ليعلم ، ولكي يعلم ، ولأن يعلم). وأهل الكتاب هنا : اليهود وأصحاب التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلىاللهعليهوسلم. (أَلَّا يَقْدِرُونَ) أن : مخففة من الثقيلة ، أي أنه لا ينالون شيئا مما ذكر من فضله ، ولا يتمكنون من نيله ، ولا يستطيعون التصرف في أعظم فضله وهو النبوة ، فيخصونها بمن أرادوا. (يُؤْتِيهِ) يعطيه.
سبب النزول :
نزول الآية (٢٨):
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ) : أخرج ابن أبي حاتم عن مقاتل قال : لما نزلت : (أُولئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ بِما صَبَرُوا) الآية [القصص ٢٨ / ٥٤] فخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلىاللهعليهوسلم ، فقالوا : لنا أجران ، ولكم أجر ، فاشتد ذلك على الصحابة ، فأنزل الله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ ، وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ ، يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) الآية ، فجعل لهم أجرين مثل أجور مؤمني أهل الكتاب ، وزادهم النور.
نزول الآية (٢٩):
(لِئَلَّا يَعْلَمَ ..) : أخرج ابن جرير عن قتادة قال : بلغنا أنه لما نزلت :(يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) حسد أهل الكتاب المسلمين عليها ، فأنزل الله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) الآية.
وأخرج ابن المنذر عن مجاهد قال : قالت اليهود : يوشك أن يخرج منا نبي ، فيقطع الأيدي والأرجل ، فلما خرج من العرب كفروا ، فأنزل الله : (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ ..) الآية ، يعني بالفضل النبوة.