يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ) أي اتقوا الله وآمنوا يؤتكم الأمور الثلاثة المتقدمة ، ليعلم ويتحقق الذين لم يتقوا ولا آمنوا من أهل الكتاب على رد ما أعطاه الله ، ولا إعطاء ما منع الله ، فإنهم لا يقدرون على أن ينالوا شيئا من فضل الله الذي تفضل به على من آمن بمحمد صلىاللهعليهوسلم ، ولا يقدرون أن يمنعوا ذلك الفضل الذي تفضل به على المستحقين له ، كالنبوة والرسالة وغيرهما ، وأن الفضل ومنه النبوة والعلم والتقوى بيد الله ، يعطيه من يشاء ، كما آتى محمدا صلىاللهعليهوسلم وأصحابه وأمته منه نصيبا أوفر من دين الإسلام ، والله واسع الفضل ، كثير العطاء والخير لمن يشاء من عباده.
والخلاصة : أن إيمان أهل الكتاب بالتوراة والإنجيل وبموسى وعيسى لا يكفي ، ولا ينفع شيئا ، ما لم يؤمنوا بالنبي صلىاللهعليهوسلم ، خاتم الأنبياء والمرسلين.
فقه الحياة أو الأحكام :
هذه الآيات تفصيل ما أجمل في الآيات السابقة من إرسال الرسل بالكتب ، وقد دلت على ما يأتي :
١ ـ أخبر الله أنه أرسل نوحا وإبراهيم ، وجعل النبوة في نسلهما ، فجعل بعض ذريتهما الأنبياء ، وأوحى إليهم الكتب المنزّلة من السماء : التوراة والإنجيل والزبور والفرقان.
٢ ـ بعض تلك الذرية آمن وائتم بإبراهيم ونوح واهتدى ، وكثير منهم كافرون خارجون عن طاعة الله تعالى.
__________________
ـ (لا) صلة زائدة مؤكدة في كل كلام ، دخل في أوله أو آخره جحد غير مصرح ، فالسابق كقوله : (ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ) [الأعراف ٧ / ١٢]. (وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ بالله) [الأنعام ٦ / ١٠٩]. (وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ) [الأنبياء ٢١ / ٩٥].