المعمور ، والسقف المرفوع والبحر المسجور ، تشريفا لها وتكريما. والحكمة في اختيار الأماكن الثلاثة : وهي الطور ، والبيت المعمور ، والبحر المسجور هي كونها أماكن ثلاثة أنبياء ، انفردوا فيها للخلوة بربهم ، والخلاص من الخلق ، ومناجاة الله وخطابه. أما الطور فانتقل إليه موسى عليهالسلام ، وخاطب ربه ، فقال : (أَتُهْلِكُنا بِما فَعَلَ السُّفَهاءُ مِنَّا ، إِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ تُضِلُّ بِها مَنْ تَشاءُ ، وَتَهْدِي مَنْ تَشاءُ) [الأعراف ٧ / ١٥٥] وقال : (رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ) [الأعراف ٧ / ١٤٣].
وناجى محمد صلىاللهعليهوسلم ربه في البيت المعمور (الكعبة) فقال ـ كما تقدم ـ : «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، لا أحصي ثناء عليك ، أنت كما أثنيت على نفسك».
ودعا يونس عليهالسلام ربه في أعماق البحر ، فقال : (لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ ، إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء ٢١ / ٨٧].
فصارت الأماكن شريفة بهذه الأسباب ، فحلف الله تعالى بها ، ثم قرن بها الكتاب ، لأن الله تعالى كلّم موسى عليهالسلام في الطور ، وأنزل عليه التوراة (١) ، وبقية الكتب مثل التوراة للهداية والنور.
٢ ـ كان المقسم عليه هو وقوع عذاب اليوم الموعود لا محالة ، بلا أدنى شك ، واستحالة قدرة أحد أن يدفعه عن المعذّبين المكذبين بالرسل.
٣ ـ يقع العذاب بالمكذبين يوم القيامة ، وهو اليوم الذي تمور فيه السماء ، أي ترتج بما فيها وتضطرب في مكانها ، وتسير الجبال عن أماكنها حتى تستوي بالأرض ، إعلاما بألا عودة إلى الدنيا.
__________________
(١) تفسير الرازي : ٢٨ / ٢٣٩ ـ ٢٤٠