التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن عناد المشركين ومكابرتهم للمحسوس ، فيقول :
(وَإِنْ يَرَوْا كِسْفاً مِنَ السَّماءِ ساقِطاً يَقُولُوا : سَحابٌ مَرْكُومٌ) أي إن ير هؤلاء المشركون قطعة من نار السماء ساقطة عليهم لتعذيبهم ، لما صدقوا ولما أيقنوا ، ولما انتهوا عن كفرهم ، بل يقولون : هذا سحاب متراكم ملقى بعضه على بعض ، نرتوي به. وهذه غاية المكابرة ، لأنهم ينكرون ما تبصره الأعين وتشاهده النفوس.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ ، فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ ، لَقالُوا : إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا ، بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) [الحجر ١٥ / ١٤ ـ ١٥].
(فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) أي إذا كان هذا شأنهم وتبين أنهم لا يرجعون عن كفرهم ، فدعهم يا محمد ولا تأبه بهم حتى يلقوا أو يأتي يوم مجازاتهم بأعمالهم السيئة الذي يحدث فيهم هلاكهم السريع ، وهو يوم موتهم أو قتلهم وهو يوم بدر ، وهو الظاهر في الآية كما قال البقاعي ، لأنهم عذبوا فيه ، أو يوم النفخة الأولى يوم القيامة ، لأن صعقته تعم جميع الخلائق ، وهو قول الجمهور ، كما ذكر أبو حيان.
وإسقاط كلمة الإشارة قبل كلمة (سَحابٌ) أي هذا سحاب لوضوح الأمر وظهور العناد ، كما أن كلمة (يَقُولُوا) تدل على العناد.
(يَوْمَ لا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ، وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) أي ذلك اليوم يوم لا ينفعهم فيه مكرهم ولا كيدهم الذي كادوا به رسول الله صلىاللهعليهوسلم في الدنيا ، ولا يمنع عنهم العذاب النازل بهم مانع ولا ينصرهم ناصر ، بل هو واقع بهم لا محالة.