والكيد : هو فعل يسوء من نزل به ، وإن حسن ممن صدر منه. وإنما قال تعالى : (يَوْمَ لا يُغْنِي ...) للرد على ما كانوا يعتقدون أنه أحسن أعمالهم.
(وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذاباً دُونَ ذلِكَ ، وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) أي وإن للظالمين أنفسهم بالكفر والمعاصي وكيد النبي وعبادة الأوثان عذابا في الدار الدنيا وهو قتلهم يوم بدر ، أو هو مصائب الدنيا من الأوجاع والأسقام والبلايا ، وذهاب الأموال والأولاد ، والقحط والجوع سبع سنين قبل يوم بدر الذي حدث في السنة الثانية من الهجرة ، غير أن أكثرهم لا يعلمون ما سينزل بهم من عذاب الله وبأسه وبلاياه ، لعلهم يرجعون عما هم عليه من الكفر والعناد ، ولو كشف عنهم العذاب لعادوا إلى أسوأ ما كانوا عليه. والمراد بالأكثر الكل على عادة العرب حيث تعبر عن الكل بالأكثر ، أو هم في أكثر أحوالهم لم يعلموا.
ونظير الآية قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [السجدة ٣٢ / ٢١]. وجاء في الحديث لبيان عودة الكفار بعد جلاء العذاب إلى كفرهم : «إن المنافق إذا مرض وعوفي ، مثله في ذلك كمثل البعير ، لا يدري فيما عقلوه ، ولا فيما أرسلوه».
(وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا ، وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ لِحُكْمِ رَبِّكَ) أي إلى أن يحكم الله أو لقضاء الله ، والمعنى : واصبر أيها الرسول على أذى هؤلاء القوم ، ولا تبال بهم ، إلى أن يقع بهم العذاب الذي وعدناهم به ، فإنك بمرأى ومنظر منا ، وفي حفظنا وحمايتنا وتحت كلاءتنا ، والله يعصمك من الناس ، ونزّه ربك عما لا يليق به لإنعامه عليك تنزيها مصحوبا بالحمد ، حين تقوم من مجلسك ، أي من كل مجلس جلسته ، فتقول : (سبحان الله وبحمده) أو (سبحانك اللهم وبحمدك) أو حين تقوم إلى الصلاة ، كما قال الضحاك : «سبحانك اللهم وبحمدك ، وتبارك اسمك ، وتعالى جدّك ، ولا إله غيرك».