الممدود بين الجنة والنار» (٤٨) ظرفا صالحا كأصلح ما يكون لتطلّب الصراط المستقيم ، ولكنها كائنة لكل إنسان أيا كان ، وحتى من انكدرت فطرته وغرب عقله ، فهذا يستدعى ربه أن يهديه إلى صورته الإنسانية حتى يهتدي بها إلى صراط مستقيم ، ولأن الصورة الإنسانية درجات سبع ، من الروح والفطرة والعقل والصدر والقلب واللب والفؤاد ، فالمستدعاة منها ـ إذا ـ لكلّ صورة تلو بعض ، ليستعدّ السالك براحلته في هذه الرحلة المدرسية العالية ، معرفة بربه ثم عبودية ، إذ لا عبودية إلّا بعد شيء من المعرفة تجذب إلى عبودية.
وبينهما متوسطات من الصراط ، كصراط العبودية : (إِنَّ اللهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٣ : ٥١) وهذا الصراط لزام عشير منذ الأول حتى الأخير ، راحلة ووسيلة وغاية ، فبإقدام العبودية والمعرفة يحضر العبد محضر الربوبية الذي هو الصراط المستقيم.
وهو اعتصام بالله : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣ : ١٠١) فلا عصمة في هذه الرحلة دون اعتصام بالله إلّا انفصاما عن العروة الوثقى ، ولا اعتصام إلا بعصمة المعرفة والعبودية.
كما الاعتصام والايمان به ذريعة إلى صراط أعلى مستقيم : (فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً) (٤ : ١٧٤) فلا اعتصام إلا بإيمان كما لا إيمان إلا باعتصام بعشيريهما المعرفة والعبودية.
وهذه كلها لا تحصل إلّا على ضوء هدي القرآن : (قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللهِ
__________________
(١) تفسير الصافي عن الامام الصادق (عليه السلام).