ولا يعني تفسير القرآن بالقرآن ضرب بعضه ببعض دون رعاية لمناسبات الآيات ، وان تنثر آياته نثر الدقل دون تأمل في رباطاتها «وقد رأى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قوما يتدارءون فقال : هلك من كان قبلكم ، بهذا ضربوا كتاب الله بعضه ببعض ، وانما نزل كتاب الله يصدق بعضه بعضا فلا تكذبوا بعضه ببعض فما علمتم منه فقولوا وما جهلتم فكلوه الى عالمه» (١).
وخرج على قوم يتراجعون القرآن وهو مغضب فقال : «بهذا ضلت الأمم باختلافهم على أنبيائهم وضرب الكتاب بعضه ببعض» (٢).
فعلى المفسر التدبّر التام في آي الذكر الحكيم ، متحللا عما أثبته هو او أثبتته الطرق العلمية أو العقلية أمّاهيه ، مستنطقا كل آية بنظائرها في المغزى ، فيستفسر عنها أشباهها ونظائرها ، متثبتا عن الأحاديث الموافقة الملائمة لها.
فاختلاف الروايات في تفسير الآيات ، واختلاف المفسرين من جراءه ، ومن اختلاف افهامهم وأساليبهم ، هذه الاختلافات ترد إلى القرآن نفسه ، فلا يصدّق عليه إلّا ما يصدقه.
إذا فمسالك التفسير كلّها هباء وخواء إلّا تفسير القرآن بالقرآن ، كما وان الرسول والائمة من آل الرسول سلكوا هذا المسلك القويم في تفسير آي الذكر الحكيم ، وعلى المفسرين ان يتعلموا هذه الطريقة المثلى من هؤلاء
__________________
(١) الدر المنثور ـ اخرج احمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه (صلى الله عليه وآله وسلم)
(٢) الدر المنثور ـ اخرج ابن سعد وابن الضريس في فضائله وابن مردويه عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عنه (صلى الله عليه وآله وسلم).