حياتهم نقض لمواثيق الله ـ بكل زواياها الثلاث وحواياها ، ونقض عهد الله من أعظم الفسق: (وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ) (٧ : ١٠٢). فإنهم لا لبّ لهم إنسانيا و (إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ. الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثاقَ وَالَّذِينَ يَصِلُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ ..) (١٣ : ٢١).
(وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ) فقد امر الله بصلات كثيرة : عقيدية وعملية ، فردية وجماعية اماهيه ، فإذا قطعت هذه الصلات ونقض عهد الله عمّت فوضى الفساد في الأرض ، فإن إصلاحها على ضوء الحفاظ على عهد الله ، وإيصال ما امر الله في جناحي الرباطين : بينك وبين الله وبين عباد الله ، .. ونرى آية النقض والقطع تربط بينهما هنا وفي أخرى (١٣ : ٢١) مما يدل ان كل نقض لعهد من عهود الله يسبب قطعا لما وصل الله وأمر به ان يوصل ، فشريعة الله شريعة وصل المفاصلات التي تفصل الانسانية عن صالح الحياة ، ابتداء بوصل الحياة البيتية ، الى وصل الأرحام ، الى المجتمع الإسلامي الكبير والى كافة المجتمعات ، وصلا عقيديا ـ أخلاقيا ـ ماديا ـ سياسيا ـ اقتصاديا وعسكريا أم ماذا ، وكما تامر به آية المرابطة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ ..) (٣ : ٢٠٠).
ثم وقطع عهد الله ، وفصل وصل الله يسبب كل فساد في ارض الله :
(وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ)
إذ خسروا رأس مال الاهتداء في متاجر الضلالة والهدى ، فالمثل الإلهي الذي من شأنه شفاء ورحمة لا يزيدهم إلّا خسارا.