(٦ : ٣٦) فهل الإعادة والبعث هما في البرزخ؟! وليس فيه إلّا استمرار الحياة الدنيا. مهما نجد آيات اخرى هنا تعني من الرجوع الى الله الحياة الأخرى ، ولكنه بعد هاتين ليس إلّا ما يعم الحياة الأخرى والانتقال الى حياة الحساب ، ولا حجة في آيتنا : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ ... ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) أنه الإحياء للأخرى ، واستعمال العام وقصد الخاص دون دليل ، خارج عن مذهب الفصاحة فضلا عن القرآن البالغ أعلى القمم فيها.
ومن ثم ف «ثم» قبل : يحييكم ـ الدالة على تراخي الإحياء عن الإماتة تدلنا دلالة رابعة أنها الحياة الاخروية النائية عن الموت كثيرا ، لا الحياة البرزخية التي لا تنفصل عن الموت.
فعلى ضوء هذه الدلالة المربعة ، ننتقل من : علّه نعم او لا ، الى التأكدّ من عدم دلالة الآية على حياة برزخية ، فهل إذا تدل على نفيها؟ لمكان : (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ) ولا إحياء إلّا عن الموت ، فليس هناك قبل الحياة إلّا الموت؟
في الحق إنه لا دلالة على نفيها كما لا تدل على إثباتها ، حيث الحياة البرزخية موت بالنسبة للحياة الأخرى ـ كما الحياة الدنيا موت بالنسبة لها ـ فكما يصح الإحياء عن الموت المطلق الذي لا حياة فيه ـ وهنا نفي للبرزخ ـ كذلك يصح عن الموت النسبي : ـ البرزخي ـ وهو أحيى من الحياة الدنيا ـ وهنا إثبات للبرزخ ـ :
فعلى ضوء الآية الأخرى : (أَمَتَّنَا ... وَأَحْيَيْتَنَا) حيث تثبت الحياة البرزخية ، نفسر آيتنا هكذا : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً) أجنّة في بطون أمهاتكم قبل إنشاء الخلق الآخر «فأحياكم» بالحياة الدنيا (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ) عن الحياة الدنيا فصلا للروح ببدنه المثالي عن هذا البدن (ثُمَّ يُحْيِيكُمْ)