فاشتراكية الأرض لها مرحلتان ، اولى وهي قبل ان يسعى لها تحجيرا او احياء وتعميرا ، فليست إذا اولى لأحد ، وثانية هي بعد هذه الثلاثة او واحدة منها ، حيث الاولوية تخرجها عن اشتراكية الانتفاع ، فانه لمن استثمرها على حده ، ولا تخرجها عن اشتراكية العين.
فان تركها مستثمرها دون عذر او حاجة كان لمن يحتاجها باستثمارها دون مشاكسة فيها ، كما لو استثمر اكثر مما يحق لم يحق له إلّا قدره ، وهو في الزائد عامل في الأرض ليس له إلّا اجرة المثل.
فحذار حذار على اكلة الأرض ، فليس كما يزعمون أنهم يملكون مدّ أعينهم من ارض الله كما تمدهم أموالهم وأعوانهم ، وانما لكلّ نصيبه حسب المكانة والمكان والحاجة المراعاة فيها حاجات الآخرين ، بالتحجير والإحياء والتعمير ، فلو حجّر دون إحياء ، او أحيا دون تعمير مغبة استغلالها في غلائها زالت عنه هذه الأولوية المسموحة ، وانتقلت الى من يستغلها لحاجته او حاجيات الآخرين.
وهاتان الضابطتان تسمحان لكل انسان ان يستفيد من ارض الله التي خلق لهم جميعا ، كل كما سعى وقدر الحاجة ، دون إجحاف بحقوق الآخرين ، فلا تبقى أرض صالحة معطلة ، ولا عاطل عن استثمارها ولا عامل ـ فقط ـ لمن يستمثرها ، قضية العدل والنصفة وإعطاء كل ذي حق حقه ، حيث تقتسم الاولويات بين الساعين قدر الحاجيات ، ثم هم في
__________________
أكل منها حتى يظهر القائم ... وهنا أحاديث اخرى تدلنا على انتقال الاولوية الى من يعمرها بعد الذي يهملها كصحيحة معاوية بن وهب عن الصادق (عليه السلام): «أيما رجل أتى خربة بائرة فاستخرجها وكرى أنهارها وعمرها فان عليه فيها الصدقة فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها وتركها فأخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الأرض لله ولمن عمرها». أفلا يدل خروجها بخرابها عن ملكه على انه لم يملكها حين أحياها؟!.