وأما السجود لآدم؟ فهل المسجود هنا آدم عبادة؟ و (أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (١٢ : ٤٠) فلا يمكن أن يأمر بعبادة غير الله ، فانها تسوية ضالة ظالمة بين الله وسواه : (تَاللهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ ، إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ) (٢٦ : ٩٨) ثم ولا طائل تحت هذه العبادة اللهم إلّا دفعا لعبادة غير الله ، اتباعا لملائكة الله!
او أنها تكريم لخليفة الله ، ان يسجد لآدم إكراما له واحتراما؟ فهكذا الأمر! فهل يأمر الله بهكذا تكريم لسواه ، وفيه إهانة لساحته ، وتشريك له معه في كرامته ، وتسوية له في حرمته ، ونيل من محتده ، فلم يكن الله ليسمح أو يأمر باحترام لآدم أو من فوقه ، وفيه اخترام لساحة قدسه والاحترام درجات قمتها احترام العبادة فلا يحق إلّا للمعبود!
كما وآيات السجود تختصه ـ عبادة واحتراما ـ بالله ، وما (وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً) من والدي يوسف له ، إلّا كما سجد الملائكة لآدم ، إذ تعنيان معنى سواء ، دون أن تفسر إحداهما الأخرى!.
فعدم جواز التسوية بين العالي والداني ، فضلا عن الله وخلقه ، إنه من المستقلات العقلية ، والسجود هو الغاية القمة من مراحل العبادة عبادة ، ومن الحرمة احتراما او شكرا ، اللهم إلّا إذا كان بقصد الاستهزاء فليس إذا سجودا ، ومسرح البحث هنا هو سجود العبادة والاحترام دون اللعبة والاخترام ، وهو ـ لا شك ـ منحصر في الله ، منحسر عمن سوى الله مهما كان عظيما ، فلا عظيم بجنب الله!
أترى ان الله يأمر بما هو ضلال وظلم في نفسه ، ولكي يرّغب الى عبادة غيره او احترامه كمثله سواء.
والقرآن في عشرات الآيات يصرح باختصاص السجود بالله أيّا كان : (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)