(٧ : ٢٠٦) أترى انه تعالى يمدح الملائكة في اختصاص السجود به ثم يأمرهم ان يسجدوا لآدم ، فانما الخالق هو الذي يحق أن يسجد له دون سواه ، فلا تعني (اسْجُدُوا لِآدَمَ) إلّا ما تعنيه (وَلَهُ يَسْجُدُونَ) بفارق ان هذه مطلق السجود لله ، وتلك هي سجود الشكر حيث «لآدم» و (لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ) (٤١ : ٣٧) : فتوحيد العبادة لله لزامه توحيد السجدة لله ، ولأنه الخالق دون سواه و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللهِ أَحَداً) (٧٢ : ١٨) (١).
ثم ولم يسبق لأحد من أنبياء الله ، ولا لنبي الأنبياء محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ان يسمح بالسجود او الركوع له ، ومناط السماح ـ لو جاز لآدم ـ هو فيه أقوى بما لا يحصى! ولقد كذّب كونه تحية الأنبياء (٢) إذ «ما ينبغي لبشر أن يسجد لبشر» (٣) ولا «لأحد أن يسجد لأحد من دون الله يخضع له خضوعه لله ويعظم به السجود كتعظيمه لله» (٤) لا وحتى أن يقبّل
__________________
(١) راجع لتفسير الآية الى ج ٢٩ : ١٩٣ ـ ١٩٤ تجد بحثا فصلا عن السجود
(٢) روى احمد بن حنبل في مسنده ٤ : ٣٨١ ـ ان معاذا لما قدم من اليمن سجد للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) فقال : يا معاذ! ما هذا؟ قال : ان اليهود تسجد لعظمائها وعلمائها ورأيت النصارى تسجد لقسسها وبطارقتها ، قلت ما هذا؟ قالوا : تحية الأنبياء فقال (صلى الله عليه وآله وسلم) : كذبوا على أنبيائهم.
(٣) الجصاص ١ : ٣٥ عن عائشة وجابر بن عبد الله وانس ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ما ينبغي لبشر ان يسجد لبشر ولو صلح لبشر ان يسجد لبشر لأمرت المرأة ان تسجد لزوجها من عظم حقه عليها «ورواه ابن ماجه واحمد بن حنبل في مسنده ٤ : ٣٨١ و ٦ : ٧٦ و ٥ : ٢٢٨ وروى ما في معناه ابو داود في سننه ـ نكاح : ٤٠.
(٤) تفسير البرهان ١ : ٨١ عن تفسير الامام الحسن العسكري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ... ولم يكن سجودهم لآدم انما كان آدم قبلة