وإبرازا لسوئاته المواراة ، ومعرفة لشيطانه الغاوي ، تدريبا له على تلقي الغواية ، وتذوّق النهاية ، وتجرّع الندامة ، واللجوء المكين إلى ملاذ أمين.
فنسيان العهد ، ووسوسة الشيطان في الشجرة المنهية ، والصحوة بعد السكرة ، والندامة بعد المعصية ، التي بدأت لآدم وزوجه في الجنة ، إنها مثال التجربة البشرية المتكررة في الحياة الأرضية ، فليستعد آدم وزوجه لمعركة الشيطان المصيرية الدائبة على هذه الأرض وليعرف أن الشيطان لا يكاد يتخلى عنه في الجنة فكيف له في الأرض ، فليعدّ عدته وعدّته لمعترك هذه الساحة بسلاح اليقظة حتى لا يقع في فخّه ، ثم التوبة لو اعترضته اللمم ، تلقيا من الله عهده فلا ينساه ، ومعرفة عدوه فلا يهواه! وتعرّفا إلى كلماته ليتوب عليه (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ).
إن تجربة الجنة توحي بأن حياة الخليفة الأرضية هي حياة الجنة لو لا الخطيئة ، وسوف تنتهي إلى الجنة إذا تداركها بالتوبة ، كما وتتدارك حياته الأرضية ايضا بالتوبة ، وأن الطريق إلى التوبة مفتوحة في يسر وبساطة ، وحتى إذا كانت توبة وقتية فضلا عن التوبة النصوح.
وتوحي ايضا أن ما حلت في حياته من الطيبات اكثر بكثير مما حرمت من الخبيثات(١) فان له أن يستعيض الطيبات بخبيثات يهواها على ضوء الشريعة السهلة السمحاء ، فلا عليه إذ يهدف تبنّي حياة الجنة في الأولى والآخرة إلّا أنها تنغّص الحياة المريحة ، وتهدم صرح الإنسانية.
ففي معترك الحياة الأرضية تكفيك معرفة عدوك بما عرفه الله ، والالتزام بعهد الله ، ثم التوبة إلى الله إذا اعترضتك لمم ، مثلث الحياة للخليفة الأرضية ، التي تجعلها راجعة الى ربها راضية مرضية! ..
__________________
(١) نستوحيه من (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ).