فالأصل في التوبة ازالة التبعات الأخروية ، وقليلة هذه التوبات التي تزيل تبعات من الدنيوية كذلك.
وأما القول أن نهيه كان في الجنة قبل تشريع أية شريعة ، حيث شرّعت بعد هبوطه الى الأرض : (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) (٢٠ : ١٢٣) إذ توحي بمستقبل الهدى بعد ما (اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى).
إذا فلا يعني نهيه في الجنة نهي تشريع وحكم حتى يحرم عصيانه؟
فهذا غريب في نوعه! فإذا لا شريعة في هذه الجنة ـ وحتى بقدر نهي واحد ـ فكيف ينهى الله فيها ، وأقل النهي أن يحمل تنزيها وهو من الشريعة ، وإذا صحّ نهي تنزيه صح نهي تحريم على سواء فإنهما في كونهما من الشريعة شرع سواء.
ثم النص (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً) وقد هداه هنالك وجاه الشجرة سلبا وإيجابا : (إِنَّ هذا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى) سلبا لاتّباع الشيطان (إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى. وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى) وترغيبا لا تباع الرحمن ، أفليست هذه الهدى تكفي آدم في الانتهاء بنهي الله ، مهما عبّرت عنه بشرعة او غير شرعة ، وليست الشرعة إلا طريقة الهداية الى طاعة الله قلّت او كثرت ، وقد انحصرت شريعته في الجنة في السماح من أكل ثمار الجنة كلها إلّا هذه الشجرة ، ثم توسعت في الحياة الأرضية ، كل حسب مقتضياتها ومتطلباتها ، وكما تختلف الشرائع الأرضية هكذا : (لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهاجاً ... لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ ..). ومن الغريب الإصرار على هذه التأويلات المخالفة للآيات ، واجابة الامام الرضا؟ عليه السلام عن مشكلة عصيان آدم مع