ام هل نسى الرحمن أنه ربه؟ وإنه أحط دركات الغفلة عن الله فكيف يناسب آدم الخليفة! ..
او نسي نهيه؟ وقد ذكره الشيطان بنهيه : (ما نَهاكُما)! ومن قبل ما استكبر إبليس عن السجود له فلا ينسى موقفه منه.
إذا فما هذا العهد الذي نسيه فدفعه الى ارتكاب الخطيئة؟
قد يكون هو العهد العام المأخوذ على بني آدم : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).
ولكنه يعم بني آدم دون آدم ، وآدم لم يعبد الشيطان وإنما اغتر بما غره ، وملامح العهد أنه فوق ما عهده الله الى بني آدم : (عَهِدْنا إِلى آدَمَ) لا بني آدم او الإنسان.
أو أنه العهد المأخوذ في الذر على توحيد الربوبية : (وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٧ : ١٧٢)؟ وهذا العهد وان كان أعلى من الاوّل ، فقد يعم ويناسب آدم ، ولكنه ايضا من بني آدم!
أو أنه الميثاق المأخوذ على النبيين ، في درجة أعلى من توحيد الربوبية : (وَإِذْ أَخَذْنا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً. لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ وَأَعَدَّ لِلْكافِرِينَ عَذاباً أَلِيماً) (٣٣ : ٨).
او انه عهد خاص إليه كما إليهم خاصة العهود حسب درجاتهم؟ ولكنه لآدم كان قبل نبوته : (وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ ..) وعلّه بمناسبة المحنة الإبليسية عهد يضم توحيد الربوبية وترك طاعة الشيطان (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) : إذ لم يثبت ويعزم على عهده ، فلم يكن النسيان مما يرفع