عنده التكليف ، وإنما التناسي الغفلة الغفوة الذي يتنافى وذكر الربوبية الموحّدة ، فكل تخلف وعصيان هو من خلفيات نسيان حضرة الربوبية ولحد الإعراض عن ذكر الله : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى).
وترى انه كان عصيانا كبيرا؟ إذ كان النهي مؤكدا : (وَلا تَقْرَبا) حيث النهي عن القرب الى شيء يوحي بان محظورة عظيم : (فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ) إيحاء ثان الى تأكد النهي بنونه الثقيلة.
ثم في اتباعه لإبليس وهو يعرفه بعينه وقد سبق التحذير عنه ، وكأنه صدّقه ناصحا : (وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ) ما يوحي كأن الله غشه بزعمه ـ في نهيه : (ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ. وَقاسَمَهُما)!.
أقول : لم يكن آدم (ع) في هذا المسرح ليتّهم ربه بالعس والخداع ومعاذ الله! ولو كان متّهمه هكذا لكان أنكى من أكل الشجرة وأردى ، فلما ذا لم يخصه التنديد او يعمهما ، وإنما خصه بأكل الشجرة ليس إلّا ، مما يبرهن ان سبيله في ذنبه لم يكن أعظم من ذنبه : ان يتهم الله بالإغواء والخداع ، ويصدق إبليس في النصيحة ولا سمح الله!.
وإنما غره أن «قاسمهما» وما كان يظن ان خلقا خلقه الله يحلف كاذبا بالله وكما يروى عنه في حوار له مع جبريل (عليه السلام) (١) : «فاغتره
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٦١ عن تفسير علي بن ابراهيم في القصة ، فنزل عليه جبرئيل فقال : يا آدم! الم يخلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه واسجد لك ملائكته؟ قال : بلى ـ قال : وأمرك ان لا تأكل من الشجرة فلم عصيته؟! قال : يا جبرئيل! ان إبليس حلف لي بالله انه لي ناصح وما ظننت ان خلقا خلقه الله يحلف بالله كاذبا!. وفي تفسير البرهان ١ : ٨٣ عن ابن بابويه القمي في حديث مجلس الرضا (عليه ـ