عدوه نفاسة عليه بدار المقام ومرافقة الأبرار ، فباع اليقين بشكّه ، والعزيمة بوهنه ، واستبدل بالجزل (الفرح) وجلا ، وبالاغترار مذما ، ثم بسط الله سبحانه له في توبته ولقّاه كلمة رحمته ، ووعده المردّ الى جنته فأهبطه الى دار البلية وتناسل الذرية» (١).
فقد حل بين غرورين ووقع بين محظورين : غرور بما قاسمهما وهو لا يظن ان أحدا يقسم بالله كاذبا ، وغرور بما وعده دار المقام في جنة الله بمرافقة الأبرار ، ومن ثم محظور سابق من نهي الله ، وآخر في غروريه : لعل الله نسخ ما نهى وفسخ ما عهد «فباع اليقين» بنهي الله «بشكّه» في نهي الله «والعزيمة على الثبات على عهد الله» بوهنه ـ «فنسي» عهد الله (وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) يعصمه من معصية الله «فأهبطه الله الى دار البلية وتناسل الذرية» ثم ولم ينتجبه كولي عزم من أنبيائه ، الذين حافظوا على عهد الله واعتزموا عصاما دائبا وسياجا على حرمات الله قبل اصطفائهم برسالات الله وبعدها ، وهم سادة المرسلين الذين دارت عليهم الرحى ، وآدم في درجة من درجات الرسالات بعد ما عصى وأهبط!.
هكذا ياتي الشيطان غرورا كلّ إنسان او جان بغراره ومسلكه ، فآدم الخليفة ، المعلّم الأسماء ، ليس ليستضل بالشهوات او مربع السياجات الشيطانية ، اللهم إلّا يمنة : «ثم لآتينّهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن ايمانهم وعن شمائلهم» فقد جاء آدم (عليه السلام) عن يمينه ، عن طريق دينه : ألّا يمكن الحلف كاذبا بالله ، ولا سيما في وعد المقام في دار كرامة الله! (فَدَلَّاهُما بِغُرُورٍ) كهذا ، بدلو يتعلق هو به! وحب الشيء
__________________
ـ السلام) والمأمون قال فيه : ولم يكن آدم وحوا شاهدا قبل ذلك من يحلف بالله كاذبا «فدلاهما بغرور فأكلا منها ثقة بيمينه بالله ..».
(١) نهج البلاغة عن الامام امير المؤمنين (عليه السلام).