يعمي ويصم ، وهذه اوّل تجربة توقعه في فخ العصيان دونما تعمد او طغيان.
وعلى أكثر تقدير تذرع بعصيان ما الى البقاء في دار القرب والكرامة لورود الاحتمال أن الله نهاه عن أكل الشجرة : وعلّها الخلد! ـ تبعيدا له عن ساحة قربه ولمّا يصل الى أهليته ، وقاسمه الشيطان على مقالته ، فرجح عصيانا على حدته ـ ودون تعمد وطغيان ـ على بعده الدائب لو خرج عن جنته ـ عن جوار الرحمة وجناب العظمة.
كعبد ينهاه مولاه عن المقام بجواره ، فيغترّ بما يغر أن يعصيه هيمانا للمقام بجواره ، فليس إذا هو البعيد البعيد في خطئه ، مهما كان خاطئا في تصرفه ، حيث العبودية اللائقة بجنابه تعالى هي المطلقة الشاملة عزما وعملا صالحا ، لا يحول بينه وبين طاعته اي غرور وان كان في محبته.
ولقد كان ابتلاء آدم وزوجه شديدا بهكذا غرور ، لا سيما وكما يروى ـ ابتعدت حرس الشجرة عنها حيث اقترباها ، بعد ما كانت تحرسها قبله ، فظنا أن الله تعالى رفع حظره فأبعد حرسه!
فمستهلّ هذه المعركة المصيرية بين آدم وإبليس يوقظ النابهين أن يحذروا الشيطان الرجيم ، حيث يحتال بمختلف الحيل في خطواته المضللة ، فليكن الإنسان كله بصرا وبصيرة ، كي لا يقع في فخه كما وقع الأبوان الأولان ، تجربة مرة مرّت بهما ، فحذار حذار لولدهما وكما تتردد في إذاعات قرآنية : (يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) (٧ : ٢٧).
٦ ـ كيف استطاع إبليس أن يزلهما وهو خارج الجنة إذ أمر بالهبوط قبله؟.
في الحق إن إبليس إذ أزلهما كان في الجنة بين أمرين بهبوطه : أمر