يلائم التحقيق ، وهنا التحقيق مستفاد من نون التأكيد والشرط يفيد مفاده ، ف «إن» يأت مني هدى وهو «ما يأتينكم» ـ (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ ..).
٩ ـ وترى كيف (فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) وشقاء الحياة الدنيا شاملة لعائشيها ، بل هي للمؤمن أشقى وأنكى ، كما أن خوفه وحزنه فيها واقعان على ما يرى من ظلامات وتخلفات عن شريعة الله؟ فمهما «لا يضل» ولكنه يخاف ويحزن ويشقى.
ولكنما الشقاء في الحياة الدنيا ، منها مشتركة بين المؤمن والكافر ، لأنها لزام الحياة الدنيا ، ولكنها للمؤمن مجبورة بما تستقبله من راحة الحياة الأخرى ، ثم وشقاء فيها تخص المتخلفين عن شرعة الله : التي تخفف كثيرا من أتعابها ، ولو طبقّت تماما لأصبحت الحياة الدنيا الشقاء رحمة كلها كما الجنة سواء ، فالمؤمن في هاتين الشقائين برحمة وراحة نسبية في الأولى وحقيقية في الثانية : (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى) وأما الكافر : (وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً. وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى) فضنك المعيشة في الحياة الدنيا هو لزام الكافر قدر كفره ، وراحتها ـ رغم انها دنيا ـ هي لزام المؤمن قدر ايمانه ، فليس الايمان بالذي يعمّر ـ فقط ـ الحياة الأخرى ، بل انه يجمع تعمير الحياة الدنيا إلى الأخرى ، كما الكفر هو ضنك فيهما.
وأما (فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) فهو مما يستقبلهم في الاخرى فإنهم آمنون فيها ، واما ما يخوفهم أهل الدنيا في نفس او مال ام ماذا ، فانها ليست بالتي تخوفهم ما داموا في مسيرهم إلى الجنة المأوى.
ثم (وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) على ما مضى ، مما قدموه في سبيل الله او فات