وقد يقابل اليقين فهو ظن القلب الذي يساور العلم ، وهو أحيانا أقوى من علم العقل حيث الظانون في قلوبهم كلهم مؤمنون بالله خاشعون لله رغم العالمين بعقولهم إذ قد يجحدون : (وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ)
وآية الخاشعين الظانين تعني ظن القلب وجاه اليقين ، لا ظن العقل وجاه العلم ، كما ويدل عليه الخشوع وهو حالة للقلب لا سواه ، وتماثلها آيات أخرى تمدح هكذا ظن : (قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللهِ) (٢ : ٢٤٩) (إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ. فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ) ( : ) (وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً) (٧٢ : ١٤) أو تندد بمن لا يظن : (أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ) (٨٣ : ٤).
فغير فصيح ولا صحيح أن يعبّر عن العلم بالظن (١) والقرآن كتاب عربي مبين ، والظن هو الظن في موقفه والعلم هو العلم ، طالما كان ظن القلب علما ومن أقواه ، كما وعلم العقل ظن في القلب او من أضعفه ، ومن المايز بين العلم واليقين وظنهما ، ان العلم وظنه يحصلان ببرهان عقلي او حسي دون حاجة الى مراس في صالح ، واحتراس عن اي طالح ، ولكنما اليقين او ظنه لا يحصلان بعد العلم العقلي إلّا بالأعمال الصالحة وترك
__________________
(١) وهكذا تفسّر الأحاديث التي تفسر الظن هنا بالعلم او اليقين كما رواه في التوحيد عن علي (عليه السلام) في الآية : يعني انهم يوقنون انهم يبعثون ويحشرون ويحاسبون ويجزون بالثواب والعقاب والظن هاهنا اليقين (نور الثقلين ١ : ٧٦). فلا يعني ان لغة الظن هنا تعني اليقين ، بل ان الظن منهم يقين وكما يروي في البرهان ١ : ٩٥ ـ عن علي امير المؤمنين (عليه السلام): «يقول : يوقنون انهم مبعوثون والظن منهم يقين» إذ لا يصح ان تعني لغة الظن من بعض الظن ومن بعض اليقين ، اللهم الا باختلاف موطنه كظن القلب الذي هو علم ويقين.