فكذلك الأمر ، وإن كانت أخف حملا وثقلا؟ أم هي الاستعانة بالصبر والصلاة مهما اختلفا حملا في الاستعانة بهما؟ أو هي هما وما قبلهما من فعل الواجبات وترك المحرمات ، مهما اختلفت هي ايضا في حملها؟.
لكلّ وجه على اختلاف درجاتها ومرجحاتها لفظيا او معنويا ، والجمع أوجه ، فان الصلاة ـ فقط ـ كبيرة إلّا على الخاشعين ، فضلا عن المستعان بها ، والاستعانة بها ، ثم والصبر ، والمستعان به منه ، والاستعانة به ، ثم وما تقدمهما من فعل الواجبات وترك المحرمات ، وإن كانت الصلاة المستعان بها ، غير الكبيرة الثقلية ، تكفي حملا لحمل الصبر وما قبل الصبر (وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ).
ومن هم الخاشعون؟ : (الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ)!.
الخشوع من حالات القلب : (أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللهِ) (٥٧ : ١٦) والخضوع للجوارح ، ويجمعهما خنوع التعظيم والعبودية لله ، فمن خشع قلبه لله خضعت جوارحه لله ، وقد تخضع الجوارح والقلب فارغ
فالخشوع لله يتبنّى الإيمان السليم أن يخنع الخاشع بكله لله ، مهما اختلفت مراتبه ، فكيف يفسر ب (الَّذِينَ يَظُنُّونَ ..) والظن في مجال المعرفة مقدوح لا ممدوح؟ : (ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ ... إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ) (٦ : ١١٦).
والحل أن الظن قد يقابل العلم كما هنا فهو ظن العقل ولا يكفي في الإيمان ، بل وعلم العقل إنما يفيد إذا دخل القلب وتحول اعتقادا راجحا ثم اليقين.