حيث القلب يستمد منها قوة وتحس الروح فيها صلة ، والنفس زادا أنفس من عرض الحياة الدنيا وأعمال الآخرة ، فهي إذا مدد حين تنقطع المدد ، وصلة ورصيد حين تنقطع الصلة وينفد الرصيد ، ومزيد ومزيد للرعيل الأعلى كالرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو الوثيق الصلة بالله ، دائب الرصيد إلى الله.
هنا يتقدم الصبر على الصلاة ـ على فضلها ـ لأنه سلب وهي إيجاب : إزالة لما لا ينبغي ثم تحصيلا لما ينبغي ، فإنه تخلية وهي تحلية ، فهو تهيئة وهي تعبئة.
وهذان الجناحان هما لزام كل سالك سبيل الله ، دون اختصاص بمن خوطبوا من بني إسرائيل وكما في سائر القرآن ، حيث يعم كافة الأشباه والنظائر ، وكما اختصت آية أخرى بالمؤمنين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) (٢ : ١٥٣) توجيها دائبا مستمر الإيحاء من هنا وهناك ، دون رسوب فيمن خوطبوا في عجالة النزول.
فالصبر الذي لا يستعان به ، والصلاة التي لا يستعان بها ، هما خاويان عن الصبر والصلاة ، وهما لغير الخاشعين :
(وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ).
ترى ما هي الكبيرة هنا إلّا على الخاشعين؟ أهي الصلاة المستعان بها ونعما هي ، فإنها ثقيلة شاقة إلّا على الخاشعين؟ أم الصلاة أية صلاة
__________________
ـ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إذا أحزنه امر فرغ الى الصلاة.
وفيه اخرج احمد والنسائي وابن حبان عن صهيب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : كانوا ـ يعني الأنبياء ـ يفرغون إذا فزعوا الى الصلاة.