وقد يعني من الرجوع هنا منذ الموت الى ما بعد الحياة الأخرى : رجوعان الى الله يتقدمان الآخر ، مثلث من اللقاء الرجوع والرجوع اللقاء ، بعد لقيا الحياة الدنيا المعرفية دون رجوع : (وَيَوْمَ يُرْجَعُونَ إِلَيْهِ فَيُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا) (٢٤ : ٦٤)
فهنا لقاء بلا رجوع كما هنا ، ولقاء رجوع في مثلث الموت والحشر واللقاء الرجوع الأخير بعد الحياة الحشر.
ولماذا الرجوع ولم نكن قبل في هذه الثلاث ، فانه الموت الأول ، ثم الحياة البرزخية لاوّل مرة والحياة الأخرى ورجوعها كذلك؟
الجواب : (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ) حيث كنا عنده دون تكليف واختيار ، إذ كنا أجنة في بطون أمهاتنا لا نعلم شيئا ، وما قبله أو بعده قبل التكليف والإختيار ، ثم خوّلنا إلى حال الإختيار ـ نعمل ما نشاء ـ اختبارا ، ثم نرجع إليه منذ الموت كما كنا ، إلى عالم الرب دون تدخّل فيه لأحد (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ).
فهنا صبر وصلات أخرى بالله ، خاشعين لله ، ومن ثمّ لقاء الله والرجوع إلى الله ف (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ).
(يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. (٤٧) وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَلا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ (٤٨)).
آيات ثلاث تفضّل بني إسرائيل على العالمين وتحذرهم عن الجزاء يوم الدين ، ثانيهما في السورة نفسها : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ. وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَلا يُقْبَلُ مِنْها عَدْلٌ وَلا تَنْفَعُها شَفاعَةٌ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) (٢ :