لما قبله ، ووحي القرآن يتدرج طوال الرسالة ، فقد كان ينسخ ما عنده وقد كان يقرّه.
إذا ففي مثلث النسخ المدّعى لا نجد إلّا نسخ القرآن للسنة في نجومه النازلة هنا وهناك ، او تناسخ السنة أحيانا.
ثم النسخ ـ خلاف ما قد يزعم ـ ليس إلا في الأحكام التكليفية او الوضعية ، وأما الأحكام العقلية ، والإخبارات الكونية ، فليس التناسخ فيها إلّا تكاذبا ، كذبا فيهما او أحدهما ، وحاشا عن ذلك وحي القرآن والسنة.
وكما أن نسخ القرآن بالسنة لا يصدّق في إزالة حكم من أحكامه ، كذلك في تقييد إطلاقاته أو عموماته التي هي نص في الإطلاق او العموم (١) او في حمل ظاهر مستقر الى غير ظاهره ، فإنه أظهر من ظاهر الحديث أو ونصه ، أو في إطلاق آية مقيدة او تعميم آية خاصة او تخصيص آية عامة ، او تقييد آية مطلقة ، اللهم إلا في عام او خاص قرآني ليسا في مقام البيان فيصح تخصيص عامه وتقييد مطلقة بما ثبت من السنة ، وسوف تجد تفاصيلها في هذا التفسير.
__________________
(١) فقوله تعالى : وأمهات نساءكم ـ بعد ـ ربائبكم اللاتي في حجوركم من نساءكم اللاتي دخلتم بهن ـ انه نص في اطلاق الأمهات حيث هن أعم من أمهات النساء المدخول بهن وغير المدخول بهن ـ لمقابلته الربائب من النساء المدخول بهن إذ لو كانت الأمهات مقيدات لذكر قيدهن كما ذكر قيد أمهات الربائب.
لذلك يطرح الحديثان المقيدان لأمهات النساء رغم صحة سندهما ، ويقبل الحديث العلوي ـ على ضعف سنده ـ القائل ، لأنهن مرسلات وأمهات الربائب مقيدات. ومن النص في العموم قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) وليس المحال شيئا حتى يستثنى تعلق القدرة به ، وكذلك العمومات والإطلاقات الظاهرة في العموم او الإطلاق ، الا ان تكون سنة ثابتة تخصّص او تقيّد.