كان يبتليه ، فجاء الإسلام فأخرجها من الظلمات إلى النور ، إلى صراط العزيز الحميد ، من ظلمات الفلسفات والهرطقات التي تخبطت فيها ، إلى نور الحق المبين بالقرآن المتين والرسول الأمين.
(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) (٣).
أتراهما مكرورتان وبفاصل آية واحدة؟ حسب الظاهر نعم ، وفي الحق لا! حيث البسملة على كونها آية وأفضلها ، هي بنفسها مكرورة للفصل كما للفضل ، فليست ـ إذا ـ لتحلّ محل الآي في كل سورة ، فالرحمتان هما كآية مستقلة في صلب السورة بعد ان كانتا بعض آية من البسملة ، تأكيدا للسمة البارزة في تلك الربوبية الشاملة ، وتأبيدا لها في كل مقالة ومجالة ، وتثبيتا لقوائم الصلة الدائبة بين الرب والمربوبين ، التي تقوم على الطمأنينة وتنبض بالمودة.
وقد تعنيان في البسملة رحمن الدنيا ورحيمها وفي الحمد له رحمن الآخرة ورحيمها ، أم هناك تعم الآخرة والأولى ، وهنا تخص الآخرة كما تلمح لها مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ.
فحتى ولو كانتا مكرورتين بنفس المعنى ، ففي التكرار عناية ليس في الوحدة ، فرب العالمين ليس ليطارد المربوبين مطاردة الخصوم كآلهة الأولب في أساطير الإغريق ، فحتى فيما له غضب ، لم يكن إلّا وقبله منه نضب ، فقد سبقت رحمته غضبه ، لا يعذب عباده المستحقين إلّا اقل ما يستحقون ، ما لولاه لكان إجحافا بالصالحين ، وحيفا للطالحين ، حيث الإنذار له موقعه في ترك المحظور ، والإنذار؟؟؟ عن واقع العذاب إدغال وتدجيل وإغفال.