تكليفهم تكليفا ، ولم يرد في القرآن ، ولا لمحة أنهم مكلفون بالقرآن ، وأن اقل الجمع ثلاثة ، فليكن بعد عالم الإنس والجن ثالث لأقل تقدير ام يزيد لكي يعنيهم «العالمين» وقد تلمح لهم آية الشورى : (وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَثَّ فِيهِما مِنْ دابَّةٍ وَهُوَ عَلى جَمْعِهِمْ إِذا يَشاءُ قَدِيرٌ) حيث الدابة العاقلة في السماوات الراجع إليها «هم» فيمن هو راجع إليه ، ليست هم الملائكة ، فهم إذا ثالث من العالمين أم ويزيد.
لا تجد في ساير القرآن «عالما» إلّا «العالمين» جمعا للخلائق أجمعين ، ام خاصا بالمكلفين ، فليعن ضروب المكلفين في أبعاد الزمان والمكان دون إبقاء.
وأفضل الربوبيات ـ هي طبعا ـ لأفضل البريات ، وهو الإنسان الذي خلق في أحسن تقويم ، فشريعة الإنسان شرعة لسائر المكلفين ، كما رسول الإنس رسول لهم أجمعين ، مهما كانوا أدنى من الإنسان كالجان ، ام بمستواه في حسن التقويم كمن لا نعرفهم لحد الآن.
ثم الأفضل الأحسن بينهم! والأكثر حظوة من هذه الربوبية القمة هو الرسول محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فانه أول العابدين (قُلْ إِنْ كانَ لِلرَّحْمنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعابِدِينَ).
تلك هي الربوبية الوحيدة الموحدة اللائقة بالذات المقدسة دون الضئيلة المحددة التي اختلقتها ركام الظنون والأساطير والتصورات الخاوية والجارفة المجازفة ، خليطة من حق وأضغاث الباطل ، فإذا الحق يعرض بصورة الباطل ، والباطل يفرض بصورة الحق ، وهنالك استحوذ الشيطان على أوليائه ونجى الذين سبقت لهم من الله الحسنى.
لقد كانت البشرية تعيش تيها لا قرارة فيه ، لضخامة الركام الذي