العقل والآيات حيث توحّد الربوبية في الله وتوحده في كافة الربوبيات.
وهذا هو مفرق الطريق بين نظام الربوبية وفوضاها ، تزيل كل شائبة وكل غبش وهاجسة عن توحيد الله ، هذه التي تعزل الرب عن الحياة وتصرفاتها ، انقساما في الألوهية بين الذات والصفات والأفعال.
ف رَبِّ الْعالَمِينَ هو مالكهم وخالقهم وسائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون ومن حيث لا يعلمون ، فالرزق معلوم مقسوم وهو يأتي ابن آدم على أي سيرة سارها من الدنيا ليس تقوى متق بزائده ولا فجور فاجر بناقصه ، وبينه وبينه ستر وهو طالبه ..) (١).
والعالمين هم الخلق أجمعين ، وهو جمع العالم من العلم العلامة ، او من العلم المعرفة ، وكل العالم علامة للخالق وآية ، وكل العالم يعلم ربه ويسبح بحمده ، وجمعه السالم سليم عن الشذوذ ، ففيما يعني الخلائق أجمعين هو ترجيح لجانب العقلاء بينهم برزخا وسطا من الحقيقة والمجاز ، ام هو حقيقة تحتاج الى قرينة كما هنا وفي سائر ال (٧٣) موضعا من الذكر الحكيم ، اللهم إلّا فيما يخص ذوي العقول ، كذكرى القرآن : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ) (٦ : ٩٠) والرسول : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ) (١٢ : ١٠٤) ورحمة الرسالة : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ) (٤١ : ١٠٧) ونذارتها (لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً) (٢٥ : ١).
حيث القرآن ، والرسول برسالته ونذارته يخصّان العقلاء المكلفين دون سائر العالمين ، ولان الملائكة غير مكلفين برسالة القرآن ومنهم الرسل الى الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وليست لهم شهوة النفس حتى يسمى
__________________
(١) تفسير الامام الحسن العسكري (عليه السلام) عن الإمام علي (عليه السلام).