الحداد لغويا من الحدّ : الصدّ ، ان تصدّ المرأة على مفاتن أنوثيتها من زينة أما شابه ، خارجة عن تفريط الجاهلية الأولى اعتبارا لها كميّتة ، وعن إفراط الجاهلية الثانية وهي المتحضرة حيث الزينة فيها كأنها من شعائر التعزي ، وإنما هو عوان بين ذلك ، ألّا تلبس ملابس العروس ، وذات البعل ، ولا تتزىّ بزيّها ، فلتكن كبنت غير متزوجة لا يحق لها ان تتزين زينة ذوات الأزواج.
وقد يروى عن رسول الهدى (صلى الله عليه وآله وسلم) في حد الحداد قوله : «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث إلا على زوج اربعة أشهر وعشرا فانها لا تكتحل ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تمس طيبا إلا إذا طهرت نبذة من قسط او اظفار» (١) وهذا ـ فقط ـ دليل الجواز دون الوجوب المستفاد من نصوص أخرى.
فالحداد بصيغة سائغة بالغة هو ترك الزينة ملبسا ومصبغا ومعطرا فان كلا زينة ، والزينة الممنوعة هنا هي ـ فقط ـ «زينة لزوج» (٢) دون سائر الزينة النسائية العامة ، وهكذا تقيد اخبار المنع عن الزينة بما هي لزوج (٣).
__________________
(١) الدر المنثور ١ : ٢٩٠ ـ اخرج البخاري ومسلم وابو داود والنسائي وابن ماجة عن ام عطية قالت قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ... وفيه أخرج ابو داود والنسائي عن ام سلمة قالت دخل علي رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حينما توفى ابو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا قال : ما هذا يا أم سلمة؟ قلت : انما هو صبر يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ليس فيه طيب ، قال انه يشب الوجه فلا تجعليه إلا بالليل ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فانه خضاب قلت : باي شيئ امتشط يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: بالسدر تغلفين به رأسك.
(٢) كما رواه في الفقيه والتهذيب في موثق عمار الساباطي عن أبي عبد الله (عليه السلام) انه سئل عن المرأة يموت زوجها هل يحلّ لها ان تخرج من بيتها في عدتها؟ قال : «نعم وتختضب وتدهن وتمشط وتصنع ما شاءت لغير زينة من زوج».
(٣) كما رواه زرارة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : المتوفى عنها زوجها ليس لها ان تطيب ولا ـ