ومع أن عقدة النكاح هي بأيد ثلاث ، فلما ذا التعبير عنها فقط بالذي بيده عقدة النكاح؟ علّه لأن عقد النكاح لوليها أقوى منها ، وكذلك الزوج فان بيده النكاح عقدا وفكا ، فهما ـ إذا ـ أقوى منها في هذه العقدة ، ثم لا تعبير أصلح منه لذلك الشمول والإشارة إلى انهما أهم الأضلاع الثلاثة لمثلث العقدة.
وطالما الزوج أقوى من الولي في هذه العقدة ، ولكن الولي هنا أقوى في دلالة الآية ، حيث السياق يقرر أنه الولي ، فان مصبها العفو عن النصف الأول والثاني طارىء على هامشه إطلاقا من (الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ).
إذا فالاستثناء الراجع إلى (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) له بعدان اثنان ، منفي هو (إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا ...) وليها ، ومثبت هو عفو الزوج عن النصف الثاني المعفو عنه ، (فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ) كضابطة لا زائدة ولا ناقصة ، إلّا أن يعفون أو الولي عن ذلك النصف فناقصة ، أو يعفو الزوج فزائدة.
وهكذا يستقيم الإطلاق في (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى) أن تعني العفوين من الجانبين ، ثم (وَلا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ) فعلى كلّ ان يستمر بذلك الفضل بعد الطلاق ، سماحا من الزوج في دفع تمام الصداق ، وسماحا من الزوجة ووليها عن نصف الصداق ، تنازلا فضيلا بينهما ، دليلا على استمرارية الحب والوداد بعد الطلاق كما كان قبله ، فلم يتم ـ إذا ـ بالطلاق إلا فراق حلّ الجنس بمقدماته دون سائر الفراق ، ف (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)!.
إذا ف «من بيده عقدة النكاح» برهان صارم لا مرد له على ولاية ولي البنت على نكاحها إذا كان النكاح الأول وهي بعد بكر ، وأما في سائر النكاح فسائر الآيات تطلقها مسرّحة في زواج ترضاه كما مضت بالنسبة لكل المطلقات والمتوفى عنهن أزواجهن ثيبات (١) وأبكارا.
__________________
(١) في الصحيح عن عبد الله بن الصلت قال : سألت أبا الحسن (عليه السلام) وعن البكر إذا بلغت ـ