ف (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ...) (٤ : ٧٨).
وقد تتحمل (وَقاتِلُوا ...) هنا ان تكون خطابا لمن أحياهم الله بعد ما أماتهم ـ بجنب المسلمين ـ شكرا لما فضّل الله ، وإدخالا لهم في خضم المعارك التي فيها الموت ، لكي لا يفروا من الموت حال تحقيقهم لأمر الله.
و (فِي سَبِيلِ اللهِ) ليست فحسب ظرفا للقتال ، بل وهي حال للمقاتل : قاتلوا حالكونكم في سبيل الله ـ في سبيل الله ، فما لم يكن المؤمن في سبيل الله في كل حل وتر حال ، لم يكن قتاله في سبيل الله!.
ثم تأكيدا لواجب القتال في سبيل الله أخذ يستقرضهم قرضا حسنا في صيغة السؤال الاستفهام الاستعلام ، استفحاما للمتثاقلين ، سؤال التنديد بهم والتأكيد للمؤمنين :
(مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً وَاللهُ يَقْبِضُ وَيَبْصُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) ٢٤٥.
وليس القرض هنا وفيما أشبهه يعني ـ فقط ـ قرض المال ، فإنه من أدناه ، بل هو كل قرض من نفس ومال في سبيل الله على أية حال.
فالقرض لغويا هو القص والقطع ، مقابل الفرض وهو الوصل ، وعدم ذكر المقرض هنا دليل العموم في فرض القرض كسائر الفرض ، ف (قَرْضاً حَسَناً) يحلق على كل حسنة (١) ف : (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ قَرْضاً حَسَناً
__________________
(١) ومما يدل على هذا التحليق ما في نور الثقلين ١ : ٢٤٣ عن الكافي متصلا عن حمران بن أعين عن أبي جعفر (عليهما السلام) قال قلت : فهل للمؤمن فضل على المسلم في شيئ من الفضائل والأحكام والحدود وغير ذلك؟ فقال : لا ـ هما يجريان في ذلك مجرى واحد ولكن للمؤمن فضل على المسلم في أعمالهما وما يتقربان به الى الله عز وجل ، قلت : أليس الله عز وجل يقول : من جاء ـ