الأخذ قرضا حسنا وهو الذي يضيق ويوسع.
ولماذا هنا «قرضا» بعد (يُقْرِضُ اللهَ) دون «اقراضا»؟ علّه لأن «قرضا» يعني الشيء المقروض واتصافه ب «حسنا» يميزه عن كل مقروض غير حسن مادة ونية وكيفية.
فالذي يقرض الله مالا أما شابه وهو غير حسن ولا مستحسن وهو غير محبوب ، لم يكن بذلك المحبوب : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) (٣ : ٩٢).
كما الذي ينفق رئاء الناس أو بمنّ وأذى ، فهكذا الأمر ، والحسن عند الله يحلق على كل أبعاد القرض دون إبقاء.
فترى ان الله هنا كيف يعبر عن ذلك الاقراض ب (يُقْرِضُ اللهَ) كأنه المحتاج وليس به : استجاشة للضمائر المؤمنة المطمئنة بالله ، الواثقة بوعد الله ، الراجية ثواب الله : (فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) فمضاعفة الله مضاعفة ربانية منقطعة النظير ، فضلا عن ان تكون «كثيرة» ، ف «ان الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى» (١).
وهكذا تستجيب لله النفوس المؤمنة ، مختجلة من صيغة التعبير ، قائلة : «يا نبي الله الا ارى ربنا يستقرضنا مما أعطانا لأنفسنا وان لي ارضين إحداهما بالعالية والأخرى بالسافلة واني قد جعلت خيرهما صدقة ، وكان النبي (صلى الله
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٢٤٣ في كتاب معاني الأخبار متصلا عن أيوب الخزاز قال : سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول : لما نزلت هذه الآية على النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) : اللهم زدني فأنزل الله (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللهَ ...) فعلم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) أن الكثير من الله لا يحصى وليس له منتهى.