ثم قرض الأموال والتخطيطات الحربية ممن لا يستطيعون حضور خط النار.
فالقرض بالنسبة للأنفس يعم التضحية في سبيل الله قتلا وموتا ، والكد في سبيل الله صرفا لطاقات ، ثم لما سوى الأنفس من أموال وبنين استئصالا لها في هذه السبيل ، أم صرفا منها كإقراض المال المعروف بالقرض الحسن ، واستعمال الأولاد والأهلين في المصالح الإسلامية دون مقابل.
إذا ف (قَرْضاً حَسَناً) يعم كل تجاف وتنازل عما جعلنا الله فيه مستخلفين دون اختصاص بشيء خاص.
وهكذا يكون المؤمن مقرضا ربه قرضا حسنا في كل حقل كما يتطلبه ويناسبه ، دونما ضنّة ، وانما بكل سماح وحنان ، في أمان وغير أمان.
والنقطة الرئيسية في كل إقراض ان يكون قرضا حسنا ، المعبر عنه بسبيل الله ، دون سائر السبل المتسارع إليها ، المتصارع فيها ، كسبيل التفوق على الزملاء وسواهم ، او سبيل تفتح البلاد والتوسعية الخيانية بين العباد ، إنما «حسنا ـ في سبيل الله» كما يرضاه الله ، تحليقا لشرعة الله على بلاده في عباده ، لا فرضا لرئاسة وقيادة لحظوة نفسانية وعلوّ في الأرض ف (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً) (٢٨ : ٨٣).
اجل (وَاللهُ يَقْبِضُ) الأنفس والأحوال والأموال «ويبصط» لا سواه ، فليكن الإقراض لله (قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ أَضْعافاً كَثِيرَةً) في الأخرى ، ام وفي الأولى (وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقى).
وكما القبض هنا يعني مقابل البصط (١) كذلك القبض الأخذ ، إذا فهو
__________________
(١) تفسير البرهان ١ : ٢٣٤ ـ بسند متصل عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية يعني : يعطي ويمنع.